من بركات الإمام الراحل محمد عبده ت 1905م رحمه الله تعالى قيام مدارس إصلاحية تنهج المنهج التنويري الوسطي القرآني المنطلق في مناطق شاسعة من العالم، ولقد حلت بركاته أرض ميزاب المباركة على يدي الإمام إبراهيم بيوض ت 1981م رحمه الله تعالى، وبمساندة من تلميذيه النجيبين الأستاذ الشيخ البكري ت 1986م رحمه الله تعالى، والأستاذ الشيخ عدون ت 2004م رحمه الله تعالى، وأتى بعدهم الشيخ ناصر المرموري ت 2011م رحمه الله تعالى.
كذلك قاد هذه المسيرة الشيخ الكبير عمرو النامي، والذي تأثر بجماعة الإخوان، وكذلك أبو اليقضان إبراهيم ت 1973م رحمه الله تعالى.
والمسيرة الإصلاحية عمت الأقطاب الثلاثة الإباضية مغربا، والسنية وعلى رأسهم الإمام محمود شلتوت ت 1963م رحمه الله تعالى، والشيخ محمد الغزالي ت 1996م رحمه الله تعالى، والشيعة كما عند السيد محمد حسين فضل الله ت 2007م رحمه الله تعالى.
ومن حسن الحظ أنني التقيت اليوم بالمفكر والمؤرخ العماني الشيخ أحمد بن سعود السيابي وسألته متى بدأ ضعف التيار الإصلاحي عموما، قال من منتصف التسعينات عندما بدأ يؤثر الفكر السلفي في التيارات الأخرى، كما هو عندنا نحن الإباضية في المشرق.
ومن ميزات الفكر الإصلاحي أنه منفتح على الجميع، ودائرة الحوار عنده واسعة بين الجميع، وينطلق من الأولويات، ولا يضخم الشكليات.
وكما رأى السادة القرء في منشور اللحية والذي كان عبارة عن نقل لنص من جامع ابن جعفر أن جابر بن زيد رأى استحباب أخذ شيء من اللحية أثناء الإحرام، فقامت الدنيا ضجيجا، وكأننا أنكرنا وجود الله سبحانه وتعالى، ووصلت إلى ألف رد تقريبا، بجانب التهم والمنشورات الأخرى، مع التفسيق والتضليل، والسب والشتم ما الله به عليم، والعجيب أرى نفس من حاور سابقا، وأنكر الخلاف في اللحية يقول بوجود الخلاف في المذهب في اللحية، بينما الإباضية أجمعوا على حرمة الملاهي!!!!
ثم لما نشرتُ اليوم الحلقة الأولى من الآراء التجديدية عند الإمام البكري، وتعمدت فتحها بالموسيقى لأجس النبض، وجدت الردود تنتصف من الألف في وقت قريب، وكالعادة العديد سبّ وشتم وفسق، وسخرية واستهزاء!!! فكيف لو قرأوا الحلقات القادمة، إني لأخشى أن تصيبهم صاعقة عادٍ وثمود!!!!
الإشكالية أننا لم ننتكس فقط في تقبل الرأي المخالف، بل انتكسنا حتى في أخلاق الحوار، فلا أدري سبب هذا أهي البيئة العمانية المشتهرة بالطيبة، أم التأثر الخارجي أيضا حتى في أبجديات الحوار ضد المخالف في الرأي، أم نتيجة التعصب للقول الواحد والجهة الواحدة، مع الخوف من أي تعددية فكرية أخرى إلا لمن رضي عنه وأعطي صكا مسبقا.
من حق أي إنسان أن يدلي بدلوه في أي رأي، وهذا كفله الله تعالى في كتابه، كما كفله النظام الأساسي في الدولة، والقوي هو الذي يقابل الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، لا بالاستهزاء والسب والنسخ واللصق وسوء الظن وإلصاق التهم المسبقة، فهذا من شأن الضعفاء الذين لا حيلة لهم ولا قوة إلا ردات الفعل السلبية نحو أي رأي يخالفهم فكريا ومنهجيا.
فيسبوك 1434هـ/ 2013م