حضرتُ قبل الأمس أي يوم الأربعاء 28 سبتمبر 2016م ندوة عن الدور العماني في شرق آسيا والهند في النادي الثقافي بالقرم.
وعموما جميل في الجملة طرح مثل هذه المواضيع، في البداية لابد من تقديم عذرنا للباحثين لضيق الوقت المتاح لهم، ولأهمية ما قالوه ثانيا، إلا أننا لا زلنا في أبحاثنا وندواتنا التأريخية نقتصر عند الجانب الوصفي والاحتفائي.
فكل يوم تأتينا ندوة عن شخصيات تأريخية أو علمائية إلا أنها لا تجاوز حد الاحتفاء والجانب التحليلي الوصفي!!
ولكي لا يكون كلامي عائما: فقد طرحت مثلا سؤالا في الندوة: لماذا غاب الجانب الفلسفي وجانب الترجمة في الدور العماني بشرق آسيا عموما والهند خصوصا، فضلا عن الأدب والمعرفة عموما، فكلنا يدرك أهمية الفلسفة الصينية والهندية، فنجدها حاضرة في العهد العباسي، بينما لا نجد لها وجودا في عمان، أهو عائد إلى النظرة الفقهية المتشددة ضد الفلسفة والتي صاحبت الدولة الدينية – إن صح التعبير – أم هو نتيجة ضعف في الدور نفسه، إلا أنني لم أجد من السادة المحاضرين جوابا!!!
وعموما غالب الحديث عن الجانب البحري والموانئ البحرية وطريق التوابل والحرير لاحقا، والتبادل التجاري ونشر الإسلام، والتسامح العماني، وهذه في الجملة نحفظها منذ صغرنا؟ ولا بأس من تكرارها، ففي التكرار تفصيل نجهله، والمعرفة يتواضع لها الجميع، ولا يدعي أحد الإحاطة بها.
ولكن كما نحن بحاجة إلى دراسات وصفية نحن بحاجة إلى دراسات نقدية أيضا، ففي الجانب المعرفي هل يوجد فعلا تبادل حضاري بين الجانبين، ففي عمان لا نجد للفلسفة الصينية والهندية حضورها، والعكس صحيح لماذا غابت الكتب العمانية وترجمتها عن الحضارات الصينية والهندية، عدا رسائل برتكولية عادية بين الدول والملوك؟!!
ثم لماذا لا توجد مراكز علمية عمانية في هذه الأماكن، كما وجدت في شرق أفريقيا؟!!
وقد طرح أحد الحاضرين من الشباب سؤالا، إذا كانت الحضارة العمانية في جملتها إباضية، والتجار العديد منهم إن لم يكن الأغلبية إباضية، فلماذا الوجود الإباضي شبه منعدم في هذه الأماكن، بينما تأثير الحضارمة الشوافع والصوفية لا زال بمدارسهم حتى اليوم!!
إذا الدور الحضاري بحاجة إلى تقييد وتقويم، فلا يصح أن نبالغ بالدور في مجمله الحضاري بينما نحن نفتقد إلى أدلة مادية واضحة في التأثير في العديد من الجوانب الأخرى.
فعندنا أدلة مادية واضحة مثلا في الجانب البحري والتبادل التجاري لموقع البلاد، ولكن توجد مجالات أخرى أيضا مهمة في التركيبة الحضارية، فما مجال وجودها، وما حدود حضورها، كل هذا يشجع البحث، والنقد والتشكيك وعدم التهويل أول أدوات البحث العلمي الرصين!!