الأستاذ الجليل ب.م شكرا لك.
بالنسبة لما ذكر في القرآن فهذا خارج عن محل حديثنا، وإن كان الله أيضا لم يأمرنا بالانشغال بمصير الآخرين بقدر ما أمرنا بالنظر في الدنيا في مسالك الأمم والقوم وأخذ العبر، وما ذكره الله قطعا في كتابه فليس لجهينة لها رأي فيه، ولا نزاع حوله أصلا واحدا.
وأما كبار الصحابة وأوائل من أسلم فيسعنا قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.
ولهذا قيّد الله الجميع – على الصّحيح – بقيد الإحسان، وأما الحساب فالله به عليم، ونحن في الجملة لا نساوي شيئا في بذلهم وإحسانهم، وهكذا الحال مع حواريي عيسى وصحابة موسى.
وأما المتأخرون فكذلك الحال، ولو أننا بحثنا عن سيرهم كبشر، وتركنا ما بعد موتهم لرب البشر؛ لاستفدنا من تأريخهم، وتخلصنا من النزاع حولهم.
أما قضية المصير الأخروي فنرجو للصحابة وخاصة المتقدمين النجاة، وهذا ليس بأيدينا، وهو بيد الله تعالى، كيف لا والله تعالى في السور المدنية الأولى يحكي أنّ منهم منافقون، وهذا قطعا في كتاب الله، وبين لنبيه أنّه لا يعلمهم، ولولا ضيق المقام لسقت لك عشرات الآيات، ولكني أرشدك إلى كتاب التخصيص في الولاية والبراءة للشيخ الكندي، فذكر نماذج كثيرة من القرآن خصوصا ومن التأريخ الأول، وبغض النظر عن السياق الذي ساق لأجله الأمثلة.
وعليه كما أسلفت لك في الجواب السابق أنّ قضية النجاة والهلاك يوم القيامة قضية غيبية قطعية، والاشتراك مع الله بدون دليل قطعي يخشى منه المشاركة في الحكم، وهذا حذّر الله منه.
من هنا يسعنا أن نستفيد من تأريخهم، ونحسن الظن بهم، ونترضى عليهم جملة، ولنترك حسابهم لخالقهم، فنفسي الخاطئة أجهل بمصيرها فكيف بنفوس لها من الذهاب إلى باريها أكثر من ألف سنة.
هذا ما أراه والله الموفق.
دمت بود.1437هـ/ 2016م