قبل يومين حضرت ملكة زواج أحد الأخوة الأعزاء في مسجد من مساجد محافظة مسقط، وعندما ذهبتُ للغسيل في المكان المخصص، وجدتُ المناديل الورقية (الكلنكس) متناثرة بين جوانب المغاسل وفي أسفل الأرضيّة!!
ومع أنّ جماعة المسجد وفروا سلتين للمهملات كبيرتين، إلا أنّ العجيب أنهم كدّسوا هذه الأوراق الورقية فوق غطاء السلتين، مع أنك إذا فتحتهما تجدهما فارغتين!!!
وفي الرجوع قال لي صديقي من الجزائر أنكم في عمان تتمتعون بنعمة أنّ الحكومة وفرت لكم من يكنس الأرض من الصباح لتكون نظيفة!!
وهنا استغليت كلامه لأضرب له مثال الملكة، حيث أنّ جماعة المسجد وفروا عمّالا ينظفون، فلولاهم لكان المسجد زبالة، وهذا لا يعني عدم أهمية وجود منظفين في المساجد، ولكن هناك بديهيات للمصلي، لأنه يسقط تعاليم دينه قبل ثقافته، فلا يحتاج إلى عامل ليضع المصحف في مكانه، والمناديل الورقية المستعملة في أماكنها المخصصة، وإذا دخل دورة المياه نظّف المكان، وسحب ضاغط الماء!!
ثم ليس من الدين أولا أن يقلّم أظفاره بأسنانه ليرميها في فرش المسجد، أو أن يدخل ورائحة جسمه كريهة، فعلى الأقل التنظف والتعطر، وإن لم يستطع ذلك لظروف العمل فليصل في بيته!!
وكان معنا أيضا جارنا المصري، والذي يعمل في إحدى المقاهي بمسقط، فذكر لنا مصر أيام الملكية وما بعدها بقليل، وخاصة القاهرة وشوارعها وكيف حالها الآن، وكيف تغير ذلك الجمال، وقد فازت يوما كأجمل مدينة في العالم، وضرب بها المثل في النظافة!!
قلت له كنت في مقهى منذ أربعة أيام، وأحد طلب كوبا من شاي الكرك، فلما انتهى منه رماه في الأرض وسلة المهملات قريبة منه!!
ثم لننظر إلى أماكن المقاهي عندما تمر عليها في أول الفجر، حيث تجد سلة المهملات فارغة، والمكان حول المقهى ملأى بالزبالة، خاصة التي على الطريق العام.
ولولا أنّ الدولة وفرت عمالا، وشدد عليهم في المتابعة، لرأينا عجبا من الزبالة في بلادنا!!!
لا أقول تعميما، ولكن نحن بحاجة إلى ثقافة داخلية ينمو عليها الصغير، ويقدسها الكبير، لأنّ نظافة المجتمع تأتي من داخل الإنسان قبل أن يجعل لذلك موظفين، والأخير لابد منه، ولكن لا يعني سقوط الواجب علينا!!
فنحن نسقط في الحقيقة ثقافتنا على واقعنا، والنظافة ثقافة أصيلة في ديننا ومجتمعنا، ذبولها يحتاج إلى مراجعات وقوانين وخطاب ترجعها إلى طريقها السليم!!
فيسبوك 1439هـ/ 2017م