المقالات النقدية

مع فضيلة الشّيخ صالح بن سليم الرّبخيّ  ومقاله: الرّد على موضوع الدّعوة للحوار الوطنيّ

قبل أن أدخل في الموضوع لابد من الاعتراف بداية أننا مع قامة كبيرة من قوائم الفكر العماني كالشّيخ صالح بن سليم الربخي حفظه الله ورعاه، ودوره الإصلاحي والفكري في بهلا كان قبل أنّ أرى الحياة أنا شخصيّا، كيف لا وشيخه الإصلاحي الشقصي من نفس الولاية، وأعتز أن أكون من أصغر تلاميذه وأضعفهم، وهذه شهادة لله تعالى وحده، ونحن هنا لسنا مع ذات الشّيخ ولكن مع المعرفة، وهي حق مشاع بين الجميع، وهذا ما علمنا إياه الشّيخ نفسه.

لا شك أنّ المجتمع العماني كغيره يمر بمرحلة حرجة وحساسة في المنطقة، في وقت تعاني المنطقة من ترهل الحكومات وشيخوختها، بجانب الإعلام المنفتح الّذي أصبح الشّاب لا ينتظر من حكومته لتصيغ له الخبر في الوقت الذي تريده هي وبأي صيغة أرادت!!!

كلّ هذا ولّد للشّباب رؤى متعددة، ولهم أمل في وطن يجمعهم ويضفي فيهم الإبداع والشّراك الوطنيّ.

ولذا أصبح وجود حلقات تقارب مع الشّباب ضرورة ملحة وفق حلقات تخفف الفجوة بين الحكومة والشّعب، فقد يكون بعض الرموز عندنا حافظة نوعا ما، ولكن أيّ حدث في المستقبل سيظهر الواقع على حقيقته.

هذه الفئة من الشّباب والّتي بذلت قلمها وجهدها في الإصلاح لم تكن يوما ما طالبة لكرسي أو منصب أو مال، ولكن حب الوطن غمرهم، يحزنون كغيرهم أن يروا دولا أقل منا حضارة وماضيا، ودخلا ومواردا يتقدمون بقوة إلى الأمام، بينما نحن هزة بسيطة في النفط جعلتنا نرتبك وكأنّها هزة زلزال ستقضي علينا.

الحقيقة هناك فجوة، وهناك أيضا طاقة شبابيّة مبدعة، ولتخفيف هذه الفجوة لابد من استغلال هذه الطّاقة، ولاشك أنّ الحوار الوطني أحد سبل هذا التّخفيف، مع إعطاء الثّقة للجميع، وعدم محاسبة النّيات واتهام الآخر.

والدّولة ليست هشة يسقطها الحوار، بل عن طريق مؤسسات عمل مدني يغذي هذا الأمر ويقننه، ولاشك هذا سيكون في مصلحة الدّولة نفسها، لأنّه سيكون على عين منها، وأيضا وجود آراء أخرى وتعميق الحوار مع الآخر يقوي ويضع قاعدة قوية يشترك عليها الجميع.

والدول المتقدمة والأمم الراقية تعمّق الحوار، وتقترب من الشّباب، وتجدد مياه الفكر والسّياسة، بينما يقل هذا في الدول الاستبداديّة المتخلفة، وكان نتيجته ما يراه المبصر بعينه اليوم!!!

ثمّ إنّ الحوار لا علاقة له بالانقسامات الطّائفيّة أو السّياسيّة، لأنّ الحوار طبيعة فطريّة في الإنسان، أمر الله به حتى في الأسرة وفي المجتمع، وضرب به مثلا من خلال رمزية حواره مع الملائكة في الاستخلاف الأول، وهي من عناصر الدّعوة: وجادلهم بالّتي هي أحسن!!!

ومن المعلوم أنّ الانقسامات الطّائفيّة أو السّياسيّة تقوى حين يغيب عنصر الحوار، وتضعف عندما تنشط وتتعدد طاولة الحوار، وهذا شيء فطريّ في الإنسان، ولكن علينا نقل الحوار من وسائله التّقليديّة البسيطة إلى مؤسسات حواريّة فاعلة في المجتمع.

أمّا توزيع الثروة وعدم التّبذير فيه والفساد المالي فكلام يدركه أقل النّاس عقلا وعمرا في البلد، ولا يجوز أبدا أن نمنّ على الناس في حقوقهم كالشّوارع والطّرق وغيرها، فهذه حقوق مع ضعفها، ولم تلق تطويرها إلا قريبا ونتيجة مطالبات، فكم من أرواح زهقت، وأسر ذهبت بسبب ضعف الطّرق لعقود من الزمن!

وطبعا من العدل عدم إنكار أيّ تطور وأيّ إصلاح كان في الخدمات أو القضاء أو غيره، ولا تبخسوا النّاس أشياءهم، وفي الوقت نفسه ينبغي الوقوف مع الشّباب ودعواتهم الإصلاحيّة وإرشادهم، وعدم الاستخفاف بهم، أو إثارة أنّ هذا وراءه المنظمات الخارجيّة، وغرضهم الإفساد في البلاد، ولا تعيقوا بكلّ صراط.

وبطبيعة الحال الكلام حول هذا يطول، ولكن ما أردت توصيله أنّ هؤلاء فتيّة آمنوا بضرورة الشّراك، وتخفيف الفجوة، والإصلاح الحقيقيّ، في وقت يمر العالم بمرحلة حرجة وشديدة، من الجيد الالتفات وفق حوار مدني وطنيّ، ووفق مؤسسات فاعلة، وقانون عادل.

ومرة أخرى ليعذرني أستاذي وشيخي صالح الربخي على التّطفل في التّعليق على مقاله، وما فعلتُ إلا لإدراكي أنّه ما كتب إلا من نية صلاح وخير لهذا البلد المعطاء، ولكن نحن اليوم بحاجة إلى الالتفات نحو الهدف وإن تعددت الأساليب، واختلفت الرؤى، إلا أنّ الغاية واحدة، والتّعددية تبني، والاختلاف يثمر، والوطن غاية وثمرة الجميع.

فيسبوك 1436هـ/ 2016م

السابق
مجلس علماء عُمان
التالي
مع (عيد الحب)
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً