قبل الدّخول في الموضوع يصعب اليوم الحديث عن الحب وعيد الحب وأمم لا ذنب لها تعيش تحت قصف السلاح، وأطفال يقتلهم برد الشّتاء، ونساء فقدن أعز ما يملكن بسبب الإنسان وشهواته واستغلاله وبطشه!!!
في جو يفرح الناس بالحب، هناك أمم تفقد أبسط زوايا الحب في تحقيق الكرامة الإنسانيّة!!!
المشكلة في عيد أو يوم الحب (سمه ما شئت) يتمثل في صنفين من الناس، صنف لا يفهم الحب إلا شهوانيا، فتراه يختزل الحب في شهوة دنيوية عارضة….
وفريق آخر لا يتصور الناس اليوم إلا وكأنهم بهائم، ليس عندهم الحب إلا العهر والفجور، وكأن الناس يجسدون القديس فالنتين في رحلته الغزلية، وقماشه الأحمر ….
إنّ الوضع السلبي للشيء والنظرة السلبية إلى الشيء كلاهما أمران مذمومان.
قديما وصف الصوفية الدين بأنه دين الحب، ومنه قال ابن عربي الفيلسوف الصوفي الشهير ت 638هـ/ 1240م.:
أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّى توجَّهتْ رَكائِبُهُ فالحُبُّ ديني وإيماني
فالحب أكبر وأجل أن يختصر في شهوة أو نزوة، بل هو من الجمال الروحي كأيّ جمال في الوجود …
وعندما نتحدث عن الحب نتحدث عن هذا الإنسان الذي وهبه خالقه الجمالين، جمال الصورة وجمال الروح، والحب يشمل الاثنين!!!
الحب شيء فطري في الإنسان، ونحن كأمة تسع الناس جميعا لا نقف موقف المقلد الأعمى، وفي الوقت نفسه لا نقف موقف الرافض الكافر لكل شيْ وجديد، وإنما نقف موقف المهذب المربي…
الحب هو الجمال، وهو الإحسان لكل شيء، بداية من الإحسان إلى الآخر وحبه ورفع الضر عنه، إلى حب الهداية والخير للناس، والرحمة والشفقة بهم …
في يوم المعلم نناقش قضايا المعلم وحقوقه وواجباته، وفي يوم الشجرة نناقش أهمية الزراعة والاكتفاء الذاتي، وفي يوم الأم كان للأم نصيبا من التذكير بحقوقها وإنسانيتها الأموميّة …
كذلك ليوم الحب هو تذكر بهذا الإنسان وحقه في الجمال الإنساني، بحفظه وحفظ وجوده، كان زوجا أم أما وأبا أم طفلا، أم شيخا عجوزا، كان مؤمنا أم غير مؤمن …
نحن أمة توجيه لا فرفض، أمة أرشاد لا توجس وخيفة، أمة حب لا قتل وإرهاب وكره، نحن أمة الإنسان لا إنسان الأمة والمذهب والجنس والبلد، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، والحب أخص خصوصيات الرحمة، ولا توجد رحمة بلا حب، ولا يوجد حب بلا إنسان يسع قلبه للعالم أجمع، ولا يحوزه فكر ولا مذهب ولا جنس…
فيسبوك 1436هـ/ 2016م