عندما كنتُ واعظا في الميدان، متنقلا بين المساجد والمنتديات، شعرتُ بحلاوة الناس وبساطتهم في الجملة، وحسن ظنهم لمن يتولى أمرهم، مع بعض آلامهم ومعاناتهم.
وعندما نقلتُ إلى الوزارة منذُ سنتين رأيت صورة عجيبة عند الأغلب – إن لم أبالغ – خاصة المدراء وهي التنافس حول الأموال والمكاسب، حينها يكون المال هو الهدف الأول باسم الدين والوطن والقيم، فهذه الثلاث وسائلٌ لتحقيق المكسب المالي لا غاية وهدفا.
وعليه أدركتُ ثانيا أنّ الحديث الغالب في المكاتب هو فلان وعلان، نهشا وغيبة ولمزا وقد يكون أيضا تشويها وبهتانا في بعض الأحيان، وهذا ليس تعميما فهناك المخلص بلا شك، ولكنه – للأسف – الواقع الملامس!!!
وعليه غابت عني تلك الصورة الجميلة للمجتمع بأحلامه وآلامه، إلى صورة أخرى ونحن في مفترق طريق لمواصلة مسيرة البناء وفق دائرة الإصلاح …
آمل أن يكون التغيير من الذات والمؤسسات ومن الوزراء والوكلاء والمدراء قبل أن يطالب الرجل البسيط في الشارع ويخاطب بالإصلاح والقيم؛ في حين من يسوسهم يمارس الفساد المالي من أوسع أبوابه باسمه وباسم قيم المجتمع والرجل البسيط، وباسم دينه ووطنه…
وأرى أنّ التغيير كما في الذات والتربية، بحيث يكون الوطن والدين والقيم مقدمة على المناصب والمال والسلطة؛ أيضا الإصلاح والتغيير يكون في القانون والقضاء، فلابد من قانون صارم رادع لكل من يأخذ ولو فلسا بغير حق من أموال الأمة …
عندما نشرتُ عن تعليق مليون علم، علّق البعض في نفس العمود أنّ المال بسيط جدا للعلم الواحد، أقول: عندما نتساهل في القليل سنتساهل في الكثير، وعندما نعطي للمائة بيسة حقها وجلالتها إذا صرفت بغير وجه حق سنعطي للمليون حقه وجلالته، لأنّ المحصلة مال الأمة، وإصلاح الأمة والمجتمع بحاجة إلى تعظيم مقدرات الوطن وفي مقدمتها الإنسان العماني تحت العدل والشفافية والرقابة للجميع، وهي مظلة واحدة مقدسة لا تمس بحال من الأحوال.
فيسبوك 1436هـ/ 2015م