المقالات الفكرية

الوعي السّياسيّ للشّباب العمانيّ

السياسة لغة من سَاسَ الرعية يسوسها سِيَاسَةً، وهي لغة ليست منحصرة في الحكم، بل هي شاملة لكل ما يسوسه الإنسان، بداية من ذاته فمجتمعه فأسرته فمكان عمله وهكذا يشمل جميع جوانب الحياة.

والسياسة اليوم تطورت بتطور التفكير البشري في الحياة، كما أنها تعقدت بتعقد وسائل الحياة، وسهولة التواصل البشري، مما حول الحكم القبلي البسيط إلى حكم المؤسسات بتعقيداتها وتنظيماتها القانونية.

كما أنّ الشارع أصبحت له سلطته وفق مؤسسات مدنية عن طريق البرلمانات أو مجالس الشورى، والمؤسسات المدنية الخدمية أو الأهلية أو الحكومية بفروعها وتشعباتها في جميع مجالات الحياة.

كذلك أصبح الإعلام ذا سلطة رابعة بعد ما كان سابقا كلسان ناطق للجهة الحاكمة، واليوم أصبح الإعلام الاجتماعي الحر الذي أصبح كل فرد يدير ذلك بمفرده وبمحل إرادته.

هذا بلا شك سيؤثر  في الوعي السياسي، والذي يجعل الشراك المجتمعي ضرورة ملحة، وفق عمل مقنن واضح ومنظم، كل يعرف الذي له والذي عليه، والطرق القانونية في الإصلاح، شريطة أن تكون حرة ولها فعاليتها، والتي أشبهها بالحلقة الوسط بين حلقتين الأولى حلقة الشعوب والمجتمع والثاني حلقة المؤسسات ومن خول له بخدمة المجموع، فتكون هذه الحلقة حافظة للمجتمع من جهة، وحافظ لصيرورة الإصلاح من جهة أخرى بعيدا عن الرغبات الشخصية والأنا الذاتي بأنواعه.

وإذا نزلنا إلى المجتمع العماني والشباب العماني خصوصا حيث يعيش الشباب العماني في جو أصبحت النظريات السياسية فيه حاضرة، فضلا أنه أصبح يرى التطور السياسي والجانب المؤسسي والمدني والقانوني فيه، إمّا بالدراسة، وإمّا بالسياحة والخلطة، وإما بالإعلام المفتوح من فضائيات وصحافة ومعارض الكتب، فضلا عن الشبكة العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي.

هذا بدوره يسرع في نمو الوعي السياسي عند الشباب، ويزيدهم ذلك إذا ما وجد مجتمعا مؤسسيا وقانونيا يحقق لهم الشراك وفق عمل مؤسسي منظم ومقنن، لأن هذه فطرة في الإنسان، وهو يشعر بأهمية الشراك الإنساني كجزء من إنسانيته الرافضة لكل أشكال عبودية الإنسان واستغلال حاجاته وتقييد قدراته، والوقوف ضد إبداعه ونتاجه، وفي الوقت نفسه يكون ذلك بشكل منظم ومقنن وفق ما يتوصل إليه الإنسان من آلية الشراك ووسائلها حسب كل جنس وبلد.

أما الدين من خلال النص القرآني فقد أعطى للعقل البشري مساحة كبيرة في الجانب السياسي، وربط ذلك بتطور الإنسان، وإنما جاءت الشرائع لتحقيق القيم العليا من حرية الإنسان وحرمة استعباده، وتحقيق العدل، ورفع الظلم، ومحاربة الطبقية الاجتماعية والمالية والمنصبية، وحرمة أكل أموال الناس بالباطل بأي شكل كان.

فهذه قيم كبرى تركت تطبيقها للإنسان زمانا ومكانا، بما يتوصل إليه العقل البشري من رقي فكري في تحقيق ذلك، واستفادة الأمم بعضهم من بعض.

وعليه نخلص أن الوعي السياسي في المجتمعات الشرقية ومنها عمان بطبيعة الحال شيء طبيعي، والسؤال هنا كيف يستطيع المجتمع بمؤسساته الاستفادة من هذا الوعي وتسخيره في خدمة المجتمع، خشية أن ينحرف هنا أو هناك.

ثم لنعلم أنّ زيادة الوعي السياسي عند الشباب حالة صحية إذا فقهنا ذلك وفق أبحاث علمية لا مقالات ارتجالية فحسب، ثم إذا فقهنا آلية استثمار ذلك وتسخيره بما يخدم الإنسان العماني حاضر ومستقبلا.

جريدة الرّؤية العمانيّة 1437هـ/ 2017م

السابق
الشّباب والأمن الفكري
التالي
ألوهية المذهب
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً