المقالات النقدية

حرمة الدّم في غزّة والإبادة الجماعيّة

خاصّ للموقع 1445هـ/ 2023م

ما يحدث الآن في غزّة من إبادة جماعيّة لأطفال ونساء ومدنيين عزّل جريمة بحقّ الإنسان والإنسانيّة ككل، لا يمكن تبريرها بحال من الأحوال، ولا يمكن السّكوت الدّوليّ عنها.

ولئن انحازت حكومات بعض الدّول الغربيّة الكبرى إلى هذا الإجرام المشاهد عيانا، فلا يجوز للدّول العربيّة أن تلزم الصّمت والحياد أو التّبرير الخجول، بل لابدّ من وقفة حازمة توقف هذا الهزل بحقّ الإنسان والإنسانيّة ككل، لأنّ النّفس الواحدة الّتي تزهق في غزّة بغير حق ولا ذنب؛ هي جريمة بحقّ الحياة البشريّة ككل، وجريمة بحق الإنسانيّة.

اليوم العالم جميعا مدرك لهذا الجرم الّذي يمارس في غزّة والّذي هو جرم بحقّ الإنسان، ولئن برّرت بعض الحكومات الغربيّة هذا الجرم، ومنها من شاركت فيه في العلن أو الخفاء، إلّا أنّ هناك ملايين من الشّعوب الحيّة في العالم، من كافّة الأديان والمذاهب والتّوجهات، ومن اليهود أنفسهم، ومن مؤسّسات العمل المدنيّ، ومنظمات حقوق الإنسان في العالم، أصبحت واعية جدّا بما يحدث من إجرام لا يتقبّله عقل ولا ضمير ولا خلق ولا مبادئ بحقّ شعب أعزل ومحاصر، والآن يتعرّض لأبشع جريمة إبادة جماعيّة في القرن الحادي والعشرين.

لا يجوز على الحكومات الإسلاميّة والعربيّة هذا السّكوت العجيب؛ بل لابدّ من تحرك عمليّ، وضغط سياسيّ وقانونيّ يوقف هذا الاستخفاف بحقّ الإنسان في غزّة.

ولئن كان بعضهم لديه خصومة مع بعض التّيارات الجهاديّة أو الإسلاميّة فهذا شأن آخر، وما يحدث في غزّة اليوم شأن إنسانيّ لا يقبل المساومة، ولا يقبل التّبرير، ولا يحتمل الخلاف، ولا ينبغي التّوقف فقط عند البيانات والإدانة.

لابدّ من توقف هذه المهزلة غير الأخلاقيّة، وهذا الجرم غير الإنسانيّ، ولو بالضّغط أو القوّة، ولابدّ من التّعجيل في إحياء الإنسان الفلسطينيّ، وتحقيق حقوقه الإنسانيّة المشروعة.

إننا نعيش مرحلة أصبح العالم الإنسانيّ مدركا للحالة غير الإنسانيّة الّتي يعيشها هذا الشّعب لما يقرب من قرن من الزّمان، والمعادلة اليوم اختلفت، والصّورة اتّضحت، ولا مجال إلّا بحلول عمليّة جديّة واقعيّة توقف الأنا الصّهيونيّ، وقد بات اليوم ضعيفا عسكريّا وإعلاميّا، لأنّ الضعيف هو من يتظاهر بقوّته على الأطفال والنّساء والشّيوخ العزّل.

إنّ حرمة الدّم واحدة، وإزهاق أيّ نفس بغير حقّ جريمة بحقّ الجميع، والسّكوت عن هذا الإجرام لا يقل جرما، ولا تقبله أيّ فطرة إنسانيّة سليمة، ولا يبرره أيّ عقل سوي، والله خلق النّفس البشريّة لتكرم وتحفظ لا لتسفك وتحرم من حقّ الوجود والحياة والتّمتع بها كأيّ نفس بشريّة أخرى.

السابق
إسرائيل تجني ثمرة كبريائها
التالي
ورقة أنسنة التّأويل: إسقاطات الأنسنة والتّأريخيّة
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً