المقالات النقدية

قنوات الفكر المسيحي… وقفة تأمل

وأنا أتابع القنوات الدينية المسيحية منذ فترة طويلة نوعا ما، لكن ما يشدني في هذه القنوات عدمُ ظهور الصّراع الديني فيما بينهم على السطح …

بلا شك أنّ الديانة المسيحية أشهر مذاهبها اليوم أربع الأرذوكس والكاثوليك والبروستانت والمارونيون، وهؤلاء جميعا موجودون في العالم العربي، ويختلفون فيما بينهم اختلافا كبيرا حتى في تفسير الثالوث الأب والابن والروح القدس، وكذا الحال فيما يتعلق بالقديسة مريم العذراء في بعض الجوانب…

ومع هذا الذي يتابع هذه القنوات لا يجد صراعا بينهم، وإذا أشاروا بينهم أظهروا محبة وخلاص المسيح وروح الكلمة وتسامح القديسة وإخلاص بطرس وفداء بولس، وخبز الفطير، ومعمودية يوحنا، ورحمة الرب …

بينما نجد العكس في القنوات المذهبية الإسلامية، فمع الجوامع المشتركة والكبيرة بين الأمة إلا أنّ الخطاب السلبي يطفو كثيرا على السطح حتى في اللقب والمصطلح، فالإباضي خارجي، والشيعي رافضي، وأهل الحديث حشوية، والسنة نواصب، والصوفية عباد القبور، والمعتزلة زنادقة، والسلفية حشوية، وغيرها من المصطلحات السلبية التي تفرق ولا توحد …

بل الذي يتابع القنوات الدينية المسيحية (النصارى)  يتصور عدم وجود خلاف بين المذاهب المسيحية… ونجدها تخطت الخلاف المسيحي التاريخي المرير، وتوقفت عند المشترك بينها … أو على الأقل تنطلق من مبادئها بهدوء مطلق تام، مع احترامها لما يقوله غيرها، أو عرضها بهدوء دون شغب لمن خالفها من مذاهب الديانة النصرانية …

بينما الذي يتابع القنوات الدينية المسلمة المتعصبة للمذهب تفوح منها رائحة التكفير والتبديع والإقصاء والتهم وتتبع العثرات، وكأنّ الدين الإسلامي أديانا لا تجمع بينهما جامعة … مما تشكل هذه القنوات في جوهرها عبئا على هذه الأمة، فهي تمزقها تمزيقا، وتشتتها تشتيتا، وتساعد على الغليان المذهبي البغيض، وإثارة النعرة المذهبية بين العامة والمتابع البسيط …

فهل ستراجع القنوات الدينية المذهبية نفسها في الأيام القادمة، وتنطلق من المشترك، لتوجد بيئة خصبة يعيش حولها الجميع بسلام، ويستبدل التكفير بالاحترام، والتفسيق بالتعايش، والتلقيب السيء بما يحبه الآخر لنفسه من اسم، وبالمذهب مدرسة، وبالكره محبة، وبالماضي طيا وعدم إحيائه إلا للعبرة …

نأمل ذلك لعل قومي يرشدون ويعقلون………..

فيسبوك 1436هـ/ 2015م

السابق
قناة الاستقامة بين أمل هناك وخوف هنا
التالي
إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ …. والتغيير الحضاري
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً