المقالات الدينية

الغيبة المذهبية

أتعجبُ من رجلٍ يستبيح غيبةَ أخيه المسلم إذا كان مخالفا له في المذهب: استادا إلى رواية ضعيفة متنا مخالفة للنّص القرآني الصّريح: وهي رواية لا غيبة لفاسق، استنادا إلى التّفسق المذهبي الّذي صنعه البشر نتيجة الصّراع المذهبي، حيث كل فرقة لما عداها تفسق كما يقول الإمام السّالمي ت 1332هـ.

ومنهم من يستند إلى الرّواية في قضايا رأي يفسّق بها أخاه، إذا كان الخلاف في مسائل الرأي فيبيح الحديث عنه بكل أريحية وغيبته استنادا على هذه الرّواية؟!!!

والعديد من يبيح لخلاف فكري بينهما فترى الغيبة واللمز والهمز وكأنّه شربة ماء!!!

والقرآن جعل الإنسان مكرما ولو خالف دينا، فضلا أن يكون الخلاف مذهبيا في الدّين الواحد، أو أخويا في المذهب الواحد، فالإنسان له كرامته ومكانته كذات بشرية لا يصح همزه ولمزه وغيبته والاستهزاء به، لأنّ الله تعالى يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}.

وقال بعد هذا مباشرة مبينا كرامة الإنسان ككل: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

فكون الشخص يخالفك دينا أو مذهبا أو رأيا، أو يرتكب بعض المخالفات لا يبيح لك قرآنا بلمزه والاستخفاف به ونهش عرضه وغيبته، وإن كان لابد فنقاش الأفكار التي يقولها دون المساس والاستهزاء به، فهذا منهج القرآن الرّفيع، لا مناهج البشر المصنوعة، ولطالما رأينا ذلك فيما يسمى بمجالس العلم، وحلقات الفكر!!! والله المستعان.

فيسبوك 1435هـ/ 2015م

السابق
حوار حول الواقعية الكوسموبوليتية والتنظير الإسلامي اليوتيوبي
التالي
الاتّهام بالإلحاد وإنكار السّنة وهدم الكتاب ونظرية المؤامرة منهج قديم
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً