من حلقات الصّيام في الأديان على إذاعة مسقط أف أم
7 رمضان 1445هـ/ 18 مارس 2024م
ديانة عرفانيّة غنوصيّة رمزيّة، تقترب من المسيحيّة من حيث التّعميد، وتقترب من الإسلام من حيث التّوحيد والطّقوس، ويقدّسون النّبيّ يحيى عليه السّلام، ولغتهم الآراميّة، وكتابهم كنزا ربّا، ومركزهم العراق، وموجودون أيضا في الأهواز في إيران، والصّابئة بالآراميّة بمعنى التّعميد أو الغطس في الماء، “ويسميهم ابن النّديم [ت 384هـ] بالمغتسلة”[1].
وسميت بالمندائيّة من “المندي وهو العرفان، والمندائي هو العارف بالشّريعة، ومكان عبادتهم المندي، وجاء التّخصيص بالمندائيّة تميزا لهم عن الصّابئة الحرانيّة، ولفظة الصّابئة الحرانيّة ظهرت في أواخر أيام المأمون العباسي [ت 218هـ]”[2]، لهذا حدث الخلط، فنسب إليهم بعضهم عبادة الكواكب، وإن كان للكواكب اهتمام عند الصّابئة، “ويهتمون بها في قراءة المستقبل، وتحليل الحوادث، وتحديد اسم المواليد، لكن الصّابئة في الحقيقة هم موحدون”[3]، ويعتقدون أنّ ديانتهم أم الأديان؛ لأنّ “أول شخص عمّد واغتسل آدم – عليه السّلام – في سرنديب أي سيلان، وعندهم ثمانية أنبياء يعتبرونهم من أولي العزم: آدم وشيث وأنوش ونوح وسام وإدريس وإبراهيم ويحيى”[4].
وفي يوم المعاد “يرون فناء الدّنيا، والخلود الحقيقي في الآخرة، والموت ليس فناء، وإنّما انتقال من محل إلى محل، وروح الصّالح والزّاهد تنتقل إلى عالم النّور، والمسيء تنتقل روحه إلى عالم الظّلمات”[5].
“والتّعميد أساس وركن دّيانة الصّابئة المندائيّة، وعندهم تعميد الطّفل والميت والمحتظر ومريد الزّواج، وغيرها، والتّعميد يكون في الماء الجاري وليس الماء المنقطع، وهنا يختلفون مع المسيحيين، والمندي مكان العبادة هو حوض التّعميد، من قصب وطين أحمر وله سقف، يكون على ماء جاري”[6].
وعندهم “صلاة في ثلاثة أوقات”[7] [الصّبح والظّهر والعصر]، “وقبلتهم النّجم القطبي في جهة الشّمال، ويعتقدون هي أقرب إلى عالم النّور والضّياء”[8]، “والصّوم عندهم يسمى المبطلات، وينقسم إلى المبطلات الثّقيلة، والمبطلات الخفيفة، فالصّوم الأكبر صوم انضباط الرّوح … [ويسمى] الصّوم الكبير، وهو فرض على جميع المندائيين، وعلى مدار أيام السّنة، وهو صوم انضباط النّفس، ومحاسبة الذّات، وهو صوم الانضباط بالصّفات الحسنة، والاخلاق الحميدة، وهي فترة انقطاع عن الشّهوات الرّوحيّة، والأعمال السّيئة، وكلّ ما يسوء الخالق، والامتناع عن المحرمات”[9]، والصّوم الصّغير وهو “صوم لتذكير الانسان بصيامه الأكبر .. ويتم بالكف عن تناول لحوم الحيوانات وذبحها خلال أيام معينة من السّنة، لكون أبواب الشّر مفتوحة على مصراعيها، فتقوى فيها الشّياطين وقوى الشّر والظّلام، لذلك يطلق عليها أيام المبطلات، يتمثل الصّوم الاصغر باثنين وثلاثين يوما موزعه على أشهر السّنة، وأربعة أيام إضافيّة تخص رجال الدّين”[10]، والصّوم الصّغير ينقسم إلى صيام الأيام الثّقيلة، إذ يمتنعون فيها عن اللّحوم والمنتجات الحيوانيّة، ويتوقفون عن النّحر، وصوم الأيام الخفيفية وفيها يبحون أكل الأسماك وشرب الحليب، إلّا أنّهم يتوقفون أيضا عن العلاقات الزّوجيّة، وهناك بعض أيام العام المستحبة أيضا صيامها، ويرى خزعل الماجديّ في كتابه أصول النّاصورائيّة المندائيّة في أريدو وسومر “أنّ الصّوم المندائيّ قريب جدّا من الصّوم السّومريّ والمسيحيّ، فهناك اثنان وثلاثون يوما متفرقة على طول السّنة، ويسمّى هنا بالصّوم الصّغير”[11].
[1] العبريّ: بدر، التّعارف تعريف بالذّات ومعرفة للآخر؛ سابق، 359.
[2] نفسه، ص: 359.
[3] نفسه، ص: 360.
[4] نفسه، ص: 359.
[5] نفسه، ص: 360.
[6] نفسه، ص: 361.
[7] نفسه، ص: 360.
[8] نفسه، ص: 360.
[9] نفسه، ص: 360 – 361. من الفهرس.
[10] نفسه، ص: 361. من الفهرس,
[11] الماجديّ: خزعل، أصول النّاصورائيّة المندائيّة في آريدو وسومر؛ ط فضاءات، الأردن – عمّان، الطّبعة الأولى، 2014م، ص: 189.