المقالات الدينية

النّبيّ محمّد وما كتب بعده ونسب إليه

قالت لي: لماذا تنكرون على الجماعات المتطرفة ونبيكم محمد فعل ما فعلوه ويقتدون به، أليس أحلّ نساء أوطاس لأصحابه ولهنّ أزواج؟ وأليس هو الّذي أمر بقتال النّاس، وألم يصيبه الاكتئاب النّفسي حتى حاول الانتحار، …. الخ كلامها، وتأتي لك بشواهد كتب السّير والمغازي والرّوايات والآثار!!!

قلتُ لها: ألم تؤلفي كتبا في السّوق منتشرة؟ قالت: بلى، وقلت لها: لعل بعد وفاتك – أمد الله في عمرك – من سيأتي ويؤلف عنك وينسب إليك إمّا حبا أو بغضا، هل تعتبر هذه النّسبة صادقة بالنّسبة لك؟ قالت: لا، قلتُ لها أنت الآن حيّة يمكن أن تصدقي هذه النّسبة التّصوريّة وممكن أن تكذبيها أليس كذلك، قالت: بلى، قلت لها طيب وبعد وفاتك من يصدقها؟ قالت: كتبي!!!

قلتُ لها: فالنّبيّ محمد – عليه الصّلاة والسّلام – كذلك مثلك تماما، مات وترك القرآن مجموعا، إنّ علينا جمعه وقرآنه، فلما مات بعد قرن أو أقل بقليل بدأت كتب السّير والمغازي والرّوايات والآثار حتى كبرت وازدادت بعد ثلاثمائة سنة من وفاته، وليس بعد سنة أو سنتين!!!

فلماذا لا نحاكمك أنت بكتب من يكتب عنك بعد وفاتك بعام أو عامين، ونحاكم هذا النّبيّ بمن كتب عنه بقرن من الزّمان!!!

ثمّ لماذا نجعل كتبك الحاليّة مصداقا لما ينسب إليك بعد وفاتك – ولك طول العمر – ولا نجعل القرآن مصداقا لهذه الكتب السّيريّة والرّوائيّة!!

ثمّ قلت لها: نعم لو تتبعنا الكتب والسّير والآثار لرأينا الرّسول محمدا أشدّ سوداويّة ممّا صوره الرّسام الدّنماركيّ، ولرأيناه أيضا في صورة ملائكيّة أخرى!!

ولكن علميّا ومنهجيّا تبقى كتب نسبة، وكتب النّسبة الأصل فيها عدم الوقوع، لأنّ الأصل براءة الإنسان مما ينسب إليه مدحا أو ذما، فلابدّ من إخضاعها كليّا للمصاديق القرآنيّة والعقليّة، وإلا ظلمنا هذا النّبيّ، في حين نبرئ العشرات، ومنهم أنا وأنت ممّا ينسب إلينا، وقد ينسب بعد وفاتنا؟؟؟

قالت: ولكن هذه الجماعات تستند إلى هذه الكتب، ورددت العديد من الأمثلة، قلتُ لها: هذه الجماعات لا تمثل النّبي محمدا، ولا أحد منا يمثله، ولا أنا أمثله، نحن بجماعاتنا ومذاهبنا وذواتنا نمثل أنفسنا بنظراتنا واجتهاداتنا، ولكن عندما نتحدث عن النّبي محمد علميّا فعلينا أن نربط كلّ ما نسب إليه للمصاديق القرآنيّة؛ لأنّه عقلا لا ذنب له فيما نسب إليه، كما أنّه لا ذنب لموسى فيما أضافه الأحبار من أسفار فوق الأسفار الخمسة، ولا ذنب لأنبياء بني إسرائيل فيما أضافه الأحبار من شروحات للمشناه، ولا ذنب لعيسى فيما أضافه الرّهبان من رسائل وغيرها فوق وصاياه المبشرة!!!

فأملي لمن يتحدث عن النّبيّ محمد سواء من محبيه أو مبغضيه أن ينطلق من القرآن، وحينها لكلّ حادثة حديث، أمّا أن نتحاور عن الذّات المحمديّة ثمّ نظهرها بما نسب بعده دون تفكيك أو إرجاع لمصاديق القرآن، هذا ظلم للنّبيّ محمد، سواء كانت عن حب أو كره؟

وأمّا الحديث عن الجماعات والمذاهب فهذا شأن آخر فهي لا تمثل إلا نفسها، ولا تمثل أحدا، وما طلب محمد من أحد أن يمثله، ولكن طلب كما أمره ربه أن نكون ربانيين صادقين في القول والفعل!!!

وطال الحديث …. والكتابة معه تطول، ولكل رأيه …..

1437هـ/ 2017م

السابق
(اللّاجئين) العرب والابتزاز الدّينيّ والإنسانيّ
التالي
الشّباب والأمن الفكري
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً