الحوارات

تصوّر الأجوبة على أسئلة برنامج “مختلف عليه” مع الإعلامي المصري إبراهيم عيسى على قناة الحرة

تمّ التّسجيل مرئيّا في برنامج “مختلف عليه” مع الإعلامي المصري إبراهيم عيسى في القاهرة بمصر يوم الاثنين 24 مارس 2021م، السّاعة العاشرة مساء بتوقيت القاهرة.

الحرة: هل الإباضيّة بين السّنّة والشّيعة.. وهل الإباضيون فرع من أهل السّنة، وما علاقتهم بالشّيعة.. وما هي أهم نقاط الاتّفاق والاختلاف بين الإباضيّة وبين السّنّة والشّيعة..

العبري: للإجابة عن هذا السّؤال ندرك أنّ مبتدأ الخلاف المدارس الإسلاميّة خلاف سياسي، ومنشأه أنّ الدّولة كنظام لم تكن في مكّة والمدينة، بل كانت في مناطق في الجزيرة العربيّة مثلا في البحرين واليمن وعُمان، وفي هذه المناطق نشأت حضارات قديمة كدلمون ومجان وحضارة سبأ والأحقاف وغيرها.

مكّة كانت أقرب إلى الزّعامة الدّينيّة ومنذ تزعمها قصي الأصغر أي بني كلاب كانت أقرب إلى الزّعامة المشيخيّة الوراثيّة، وارتأت أن لا تدخل في صراعات، أمّا المدينة فكانت أقرب إلى الزّعامات بسبب التّعددية، فلمّا جاء الرّسول الأكرم – صلّى الله عليه وسلّم – أوجد مفهوم الأمّة كما في وثيقة المدينة، وعليه لمّا توفي حدث فراغ، وهذا الفراغ يكمن في فريقين: فريق الشّورى، وفريق الوراثة تحت اسم الزّعامة أو المملكة الّذي تعوّد عليها.

أمّا مدرسة الشّورى فلم تظهر حولها القيود، وكانت أقرب إلى الإطلاق، وإنّما كان البحث من هو الأفضل، وحين البحث من هو الأفضل جاءت القيود، ثمّ صيغت حولها الرّوايات، فتحوّلت من صراع سياسي إلى صراع ديني.

لهذا مدرسة الشّورى ستنقسم إلى ثلاث مدارس: مدرسة الشّورى المطلقة بلا قيد، ولو كان عبدا حبشيا، ومدرسة الشّورى تحت قيد القرشيّة، ومدرسة الشّورى تحت قيد النّص الجلي أو الخفي.

على هذا ستتكون المذاهب، فالسّنة بمذاهبهم العقديّة والفقهيّة الجملة مع وجود مراجعات قديما كما عند الجويني، وحديثا كما عند الغالب؛ ذهبوا إلى قيد القرشيّة، والإماميّة والإسماعيليّة والنّصيريّة والدّروز ذهبوا إلى النّص الجلي، والزّيديّة ذهبوا إلى النّص الخفي، إلا أنّ الجميع متفق على الشّورى.

لهذا الإباضيّة لم يدخل عندهم القيد، فرأوا إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ شرعيّة ليس من باب القرشيّة ولكن من باب الشّورى، لهذا أنكروا على طلحة بن عبيد الله والزّبير بن العوام وعائشة خروجهم على عليّ في الجمل 36هـ، كما أنكروا على معاوية خروجه على عليّ في صفين 37هـ.

هنا التّشكل الخارجي والسّني والشّيعيّ لم يظهر بعد، والكل كانوا على مدرسة الشّورى، والقيود ظهرت لاحقا بسبب الرّوايات، فلمّا عرض معاوية التّحكيم مع عمرو بن العاص رفض مجموعة ممّن كانت مع عليّ هذا الأمر، ورأوا عموم قوله تعالى:  {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.

هنا حدث صراع داخل فريق الإمام عليّ، فئة بسيطة طلبت من عليّ الموافقة على التّحكيم، وفئة أكبر رفضت ذلك، لكون عليّ اختير من قبل المسلمين بالشّورى، فلا تنزع هذه السّلطة لقوم خرجوا عليه، فهؤلاء بغاة يجب قتالهم، والصّلح معهم بالفيء إلى الجماعة، وليس بإسقاط الحاكم.

وكان الإمام عليّ يميل إلى هذا الرّأي، وكان في حال قوّة، ولعلّه رأى الدّماء تسيل، والأمّة في تمزق، فضعف لهذا الحال، فمال إلى التّحكيم، فقال له الأشعث بن قيس ومسعود بن فَدَكي التّميميّ وزيد بن حصين الطّائي: النّاس يدعوننا إلى كتاب الله، وأنت تدعوننا إلى السّيف، فلترجعن الأشتر – أي قائد جنده – أو لنفعلنّ بك ما فعلنا بعثمان، فرضخ لهم.

وهنا رفض فئة من الشّباب موافقة الإمام عليّ، وكان عندهم من نشوة الشّباب، رافعين أن لا حكم إلا لله، وكلا الفريقين يستند إلى نفس آية الحجرات المتقدّمة.

وهنا ستختلف الرّوايات فقيل اختار عليّ ابن عبّاس للتّحكيم، ورفض هؤلاء ابن عباس، ورشّحوا أبا موسى الأشعريّ، فلمّا كانت النّتيجة انفصلوا عن الإمام عليّ بدعوى: لا حكم إلا لله، فقال عليّ: كلمة حق يراد بها باطل، وقيل من الابتداء رفضوا التّحكيم.

فذهبوا إلى منطقة حروراء ومن هنا يبدأ التّكون الجديد.

ولمعرفة موقع الإباضيّة من الشّيعة والسّنة ندرك ذلك من أربعة جوانب: الجانب الشّوروي العلوي، وجانب مدرسة أهل الرّأي، وجانب الاعتزال والعقل، وجانب التكوّن المصدري والحديثي.

أولا: الجانب الشّوروي العلوي: كما أسلفنا التّكون الإباضي من الابتداء تكوّن شوروي يرى الإمامة في عليّ، وقيود القرشيّة والنّصيّة ظهرت لاحقا لأسباب مذهبيّة ثمّ روائيّة، فإذا كان الشّيعة والسّنة من نفس المدرسة فيكون الجميع كذلك، والشّيعة يقولون أنّهم من نفس الطّريق، فيلتقون مع الإباضيّة في هذا، وأمّا السّنة فهل كانوا مع عليّ أو حدث تشكلهم لاحقا، فهناك من يفسر السّنة والجماعة بالمعنى السّياسي وليس المدرسي المنهجة أي الرّواية، أي تشكلت لنظرية حكم الخروج على الحاكم، فهم مع سنّة عدم الخروج والبقاء على جماعة المسلمين.

ثانيا: جانب مدرسة أهل الرّأي: من المعلوم أنّ مدرسة أهل الرّأي تشكلت بالعراق، ومدرسة أهل الأثر، وهي نواة مدرسة أهل الحديث تشكلت بالحجاز، فالأولى اشتهر فيها الإمام عليّ وابن عباس مثلا، والثّانية ابن عمر مثلا، والشّاهد أنّ جابر بن زيد [ت 93م]، خرج من عمان إلى البصرة، مع رحلاته إلى الحجاز، وأخذ العلم عن عائشة وابن عباس خصوصا، وكان فقيها معتدلا من كبار علماء التّابعين، وهنا وجد هؤلاء الشّباب ممّن اتّهم بالخوارج ضالّتهم، وقد تهذبوا بفكر هذا الرّجل، فكانت لجابر بن زيد صلة مبكرة لأبي بلا مرداس بن حدير لدرجة أنّه لا يخرج إلا بإذن جابر، وكذا الأمر كانت له علاقة كبيرة بعبد الله بن أباض، وكانت له مناظرات مع الغلاة اللّذين أحلّوا دماء مخالفيهم.

الشّاهد هنا أنّ جابر بن زيد كان من رموز مدرسة أهل الرّأي، وكذا أبو عبدالله جعفر الصّادق، وتلميذه على قول أبو حنيفة النّعمان، في حين كان يقابلهم الإمام مالك من مدرسة أهل الأثر، ومن بعده تشكلت مدرسة الشّافعي فمدرسة أحمد بن حنبل.

وعليه تشكل الإباضيّة سابق لتشكل المدرستين الجعفريّة والحنفيّة، ولهذا نجد أقدم مصدر فقهي لهم مدوّنة أبي غانم الخراساني من أهل خراسان عاش في النّصف الثّاني من القرن الثّاني الهجري، وقد حوت المدونة فقه جابر بن زيد، عن الصّحابة الّذين أخذ عنهم كابن عباس وابن عمر وعائشة وأنس بن مالك، كما حوت آراء تلاميذه وعلى رأسهم أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة [ت 150هـ]، وأبو نوح صالح بن نوح الدّهان، وضمام بن السّائب، ثمّ طبقة الرّبيع بن حبيب الفراهيدي، وأبو سعيد عبد الله بن عبد العزيز البصري، وأبو المؤرج عمرو بن محمّد اليمني، وأبو منصور حاتم بن منصور البصري، وعبد الله بن عبّاد المصري وغيرهم.

كما حفظت العديد من جوابات ورسائل الإمام جابر بن زيد.

ثالثا: جانب الاعتزال والعقل: وهي في مقابل أهل الحديث، واختلف في نسبتهم فقيل إلى عليّ بن أبي طالب، وقيل إلى الحسن البصري، وقيل إلى واصل بن عطاء، وهؤلاء لا يخرجون عن نفس التّكوّن الّذي عليه الإباضيّة، فكما أسلفنا هم علويون، والحسن من مدرسة جابر بن زيد، وواصل من نفس مدرسة أهل الرّأي، فهو تكوّن واحد، فمثلا: الزّيديّة من فرق الشّيعة حافظوا على الأصول الخمسة عند المعتزلة: العدل، والتّوحيد، والمنزلة بين المنزلتين، والوعد والوعيد، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، إلا أنّ الإباضيّة لا يختلفون عنهم إلا في المنزلة بين المنزلتين، فليس عندهم منزلة بين المنزلتين: فالنّاس إمّا مؤمن أو كافر، والكفر إمّا كفر نعمة أو كفر ملّة، وفي الجملة الخلاف بينهم أقرب إلى اللّفظ منه إلى المعنى في هذا.

رابعا: جانب التكوّن المصدري والحديثي: المدرسة الإباضيّة تقوم على العقل والقرآن في المعتقد، وعلى العمل في الفقه، وهذا غالب المذاهب المتقدّمة، كعمل أهل المدينة عند المالكيّة والعترة عند الزّيديّة، ولهذا كان المصدر الحديثي الّذي نسب إليها بسيطا في مروياته، فمسند الإمام الرّبيع بن حبيب [ت بين 171 – 180هـ] عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة [ت 150هـ]، عن جابر بن زيد [ت 93هـ] عن صحابة رسول الله تصريحا أو بلاغا، عن رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم -، وعند الزّيديّة المجموع من طريق أبي خالد الواسطي [ت 233هـ] يرويه عن زيد بن عليّ عن أبيه عن الحسين عن أبيه عليّ بن أبي طالب عن رسول الله – صلّى الله عليه وآله وسلّم -، فيشترك المسندان في الأسبقيّة، وقلّة الرّواية، وظهور الرّوايات الفقهيّة بصورة كبيرة، كما في موطأ الإمام مالك بن أنس [ت 179هـ]، مع ظهور رسائل قبلهما عند الفريقين.

إلا أنّه حدث تضخم في الرّواية في نهاية القرن الثّاني الهجري، كما عند أحمد (ت241هـ)، والبخاري (ت256هـ) ومسلم (ت261هـ)، والصحاح الأربع، فضلا عن الكافي للكليني (ت329هـ)، وكذلك ما يحضره الفقيه للشيخ الصدوق (ت381هـ).

إلا أنّه تأثر الإباضيّة بالمدرسة السّنيّة منذ القرن الرّابع، والتّأثر الأكبر ظهر عند المغاربة كما عند أبي يعقوب الوارجلاني من القرن السّادس الهجري.

فالخلاصة: اللإباضيّة تكوّنا تشترك مع الشّيعة من حيث المدرسة العلويّة، وإن كانت أولى بالأسبقيّة، إلا أنّها من حيث المصادر الحديثيّة والتّأسيسيّة اقتربت من المدرسة السّنيّة.

الحرة: ما الحقيقة في اتّهام الاباضيين بأنّهم خوارج؟

العبري: المصطلح في البداية ظرفيّ، قد يستخدم إيجابا وقد يستخدم سلبا، فالقرآن استخدم الإرهاب بمعنى القوة العلميّة والصحيّة والعسكريّة والقانونيّة، وهو جانب إيجابي، إلا أنّه أيضا استخدم مصطلحات له إيحاء سلبيّ كالفساد والحرابة والبغي.

وهكذا مصطلح الخوارج، فقد ورد مدحا في القرآن عكس القعود كما في سورة براءة: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}.

وتأريخيّا لمّا خرجوا إلى حروراء بايعوا أبا وهب الرّاسبي، فلمّا قاتلهم الإمام عليّ في موقعة النّهروان سنة 38هـ، قتل أغلبهم، وبعد مقتله انتقلت إلى أبي بلال مرداس بن حدير، هذا كما أسلفنا التصق بجابر بن زيد، ورفض استخدام العنف إلا لمن ابتدأهم، هنا تبدأ مرحلة جديدة، وهي بعد مقتل الإمام عليّ 40هـ، وقيام الدّولة الأمويّة ومرور هؤلاء بمرحلة الكتمان، يصبح العداء مع الدّولة الأمويّة، وهنا اللّغة ستختلف، أي سننتقل من لغة الشّورى إلى لغة الوراثة، ومن لغة التّشاور إلى لغة الاستبداد، وقد تولى على العراق ثلاثة ولاة اشتهر بالبطش: زياد أبيه، وعبيد الله بن زياد والحجاج بن يوسف، فكانت المعركة الأولى في آسك قرب البصرة 61هـ مع عبيد الله بن زياد إذ ناب عنه القائد عبّاد بن الأخضر، وفيها قتل أبو بلال.

هنا سيحدث أول انقسام لهم، وهنا سيحدث الخلط وهي الأزارقة نسبة إلى نافع بن الأزرق، والنّجدات نسبة إلى نجدة بن عامر الحنفيّ، والبيهسيّة نسبة إلى أبي بيهس هيصم بن جابر، وهذه انقرضت بسرعة، وأخيرا الصّفريّة نسبة إلى زياد بن الأصفر، ونسب إلى هؤلاء تشريك الحاكم ومن يعاونه، لقوله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}.

وبقي فريق آخر بقي مع جابر بن زيد، ممن بقي من أتباع أبي بلال، رفضوا قضيّة التّشريك، واستخدام العنف، وغنيمة أموال الموحد، ولم يقولوا بوجوب الخروج، واشترطوا أن لا يراق دم، وأن لا يترتب عليها فتنة أكبر، وهؤلاء نسبوا إلى عبد الله بن أباض، مع أنّ الإمام الرّوحي لهم جابر بن زيد، والمنظر أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، ولكن لمكانة عبد الله بن أباض السّياسيّة والقبليّة نسب إليه، مع رفض الإباضيّة لهذه التّسميّة حتى في فترة متأخرة، فهنا حدث الخلط.

وهنا ننبه إلى أمرين:

الأول: هناك العديد ممّن خرج على الدّولة الأمويّة كالحسين بن عليّ، وعبد الله بن الزّبير، وزيد بن عليّ زين العابدين، ووقف معه أبو حنيفة النّعمان، وأجاز الخروج على الأمويين، والمختار بن أبي عبيد وغيرهم، فالخروج على الدّولة الأمويّة شارك فيه العديد.

ثانيا: ما قيل عن الخوارج ونسب إليهم كان من روايات خصومهم، ولم يحفظ لهم كتاب، وصيغت حولهم روايات تفتح ذاتها مجالا للعنف كرواية: “فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنّ في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة”،  “لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد”.

الحرة: وماذا عن موقف الإباضيّة من قضايا مثل خلق القرآن.. والتّجسيم والتّشبيه؟

العبري: قضيّة خلق القرآن ارتبط بالجعد بن درهم، وجهم بن صفوان، وانتقلت إلى أهل الاعتزال لسببين: ارتباطها بالصفات والتّنزيه، وفتح مجال أوسع للتّأويل، ومع أنّ رشيد الخيون ينسب الأمر إلى الإباضيّة ابتداء من باب الاحتمال، إلا أنّه حسب المصادر الإباضيّة أنّهم مالوا إلى التّوقف، والاكتفاء بأنّه كلام الله المنزل، ثمّ قالوا بعدم الخلق، والمغاربة ممّن قال بالخلق ثمّ المشارقة.

والقول بالخلق باعتبار الحروف وما يكتب فيه من ورق وما يعلّق، فهو بهذا منزَل، والمنزل له منزل، والمنزل غير المنزل، وإلا كانت الصّفات منفصلة عن الذّات ومتعددة، ومن قواعدهم صفات الذّات عين الذّات، ولهذا وصف القرآن بأنّه محدث والمحدث (اسم المفعول) له محدث (اسم فاعل).

والقول بعدم الخلق باعتبار صفة الكلام النّفسي، أو القدرة كما عند المعتزلة، فالخلاف لفظيّ لا أكثر هنا.

قضيّة الصّفات: الصفات الذّاتيّة هي نفي الضّد: فالعلم نفي الجهل، والسّمع نفي الصّمم، والقدرة نفي العجر، والبصر نفي العمى، والكلام نفي الخرس، والحياة نفي الموت.

صفات الأفعال ما احتمل الضّد كالخلق والرّزق.

الصّفات الإضافيّة كاليد والعين وغيرها هنا محل الخلاف، فالإباضيّة في الجملة كالمعتزلة والأشاعرة والماتريدية في قضيّة الصّفات.

الحرة: الإباصيّة و الأديان السّماوية..كيف تنظر الاباضيّة إلى تلك الأديان و إلى الآخر عموما؟

العبري: لا أتصور الإباضيّة يختلفون عن المذاهب الإسلاميّة في قضايا الأديان، وهنا تربط عند الإباضيّة بالدّعوة من جهة، وبالولاء والبراء من جهة أخرى، وبالحياة من جهة ثالثة، وبالجزاء من جهة رابعة.

فهم يوجبون الدّعوة إلى الإسلام، ولا يجوز الإكراه، وأحكام الملل واحدة، وجعلوا الهندوس أو البانيان والزّرادشت أو المجوس من أهل الكتاب، وحكم الجزاء عينا لله وحدّه لا قانونا، أي لا يسقطون الأحكام على الأعيان.

الحرة: ما هو موقع المذهب الاباضي من المذاهب الإسلامية الأخرى ؟

العبري: سبق الحديث عن التّأثر، وبطبيعة الحال إباضيّة المغرب تأثروا بالمالكيّة، وإباضيّة المشرق تأثروا بالشّافعيّة، وتأثروا في أوقات بالمتصوّفة، مثلا كتاب الأشراف لابن المنذر النّيسابوري الشّافعي ت 318هـ، نجد الاهتمام به عند الإباضيّة المشارقة منذ فترة مبكرة كما عند أبي سعيد الكدمي، كما أنّ المغاربة تأثروا ببداية المجتهد لابن رشد الحفيد المالكي كما عند الإمام الجيطالي.

الحرة: الانتشار الجغرافي للإباضيين..أين يوجد أبناء الإباضيين وهل يتمتعون بكافة حقوق المواطنة أم يعانون من التهميش؟

العبري: قديما نشأ المذهب الإباضي في البصرة، والكوفة ومكّة والمدينة وحضرموت وعمان وأفريقيا الشّرقيّة، وشرق آسيا، وكان لهم تجمع في الهند، ومصر، وقشم، وبلا المغرب.

وأمّا الآن فأغلبهم في عمان وتنزانيا وكينيا وتونس وليبيا والجزائر، بجانب لهم مراكز كما في فرنسا بسبب الهجرات.

أمّا التّهميش فلا أتصوّر خاصّة في الأصل أنّه ليس تبشيريا، والنّظريّة السّياسيّة لم تعد بتلك القوة، ولكن تعرضوا للتّهميش في تونس وليبيا كأي تيار إسلامي آخر، وبعد الثّورة أصبحت الأمور أفضل.

الحرة: اضطهاد الإباضيين..هل يتعرض الإباضيون للاضطهاد؟ وهل مارس الإباضيون اضطهادا دينيا مضادا ضد الفرق و المذاهب الأخرى  ؟

العبري: الإباضيّة عرفوا بالتّسامح منذ فترة مبكرة، ولا يعني عدم وجود تصرفات سلبيّة.

السابق
قراءة في فكر صادق جواد
التالي
الحلقات الإذاعيّة في إذاعة هلا أف أم حول كتاب الجمال الصّوتي: مراجعة في النّص الدّيني حول الغناء والمعازف
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً