المقالات الدينية

مقدّمة الحلقة النّقديّة حول كتاب أيام رمضان

ألقيت عبر منصّة الفنر وقناة أنس اليوتيوبيّة، الثّلاثاء 30 شعبان 1442هـ/ 13 أبريل 2021م، السّاعة التّاسعة بتوقيت مسقط.

بداية أشكر منصة الفنر للعلم والمعرفة عموما، وللأستاذ محمود العبريّ خصوصا، على الالتفاتة لهذا الكتاب المتواضع، كما أشكر الأستاذ المربي أحمد النّوفلي على ما سيقدّمه من قراءة نقديّة، وبلا شك نحن تلاميذ له في هذا المجال، ونتعلّم منه.

الكتاب بدأت فيه قبل أكثر من عشر سنوات، ولم يكن في ذهني تأليفُ كتاب بهذا العنوان بقدر ما هي تأملات في آيات الصّيام في سورة البقرة، وهي خمس آيات من الآية 183 وحتى 187.

وكنت أركز يومها على الجانب المقاصدي أي الحِكَم، مع بعض المراجعات الفقهيّة والمجتمعيّة الّتي أراها، فكتبت مثلا دورة في الصّلاة، ودليلك في العمرة خطوة خطوة، ودليلك في الحج خطوة خطوة، ومراجعات في الزّكاة.

ولهذا لم يكن في ذهني أن أجعل ثلاثين حلقة، فكنت أقطّع الآية مثلا الآية الأولى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وجدتها تشمل ثلاث مقاطع: المقطع الأول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ، والثّاني: كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، والثّالث: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

وهكذا مع باقي الآيات، فكنت أكتب لكلّ مقطع ثلاث ورقات على الورد، ومنها نشرته في جريدة الوطن ابتداء، وكذا بعضها في جريدة عمان، وبعد فترة انهيتها في مساء الجمعة 13 شعبان 1437هـ، الموافق 20 يونيو 2016م.

فتجمّعت لديّ ثلاثون حلقة، إلا أنني وجدت العديد سمّى كتبه بمجالس رمضان، ولمّا كنت واعظا في بوزارة الأوقاف والشّؤون الدّينيّة قدّمت مشروعا لكتاب مجالس رمضان، فتمّت الموافقة، فكتبناه بمشاركة مع وعاظ الوزارة لكلّ واعظ ثلاثة مجالس، وطبع في رمضان 2010م، ، وألف ابن عثيمين [ت 2001م] مجالس شهر رمضان في ثلاثين مجلسا، بينما عائض القرني [معاصر] سمّى كتابه دروس المسجد في رمضان في ثلاثين درسا.

لهذا ارتأيت تسميته أيام رمضان، فهو ليس دروسا ولا محاضرات مجلسيّة مسجديّة بقدر ما هو تأملات ومراجعات، يمكن أن يقرأ القارئ الكتاب في رمضان، حسب الأيام الثّلاثين بعدد أيام الشّهر.

والكتاب تطرق إلى مصطلحات: الصّيام، والإيمان، والإسلام، والتّقوى، والإرادة، والعدّة، والتّكبير، والرّشد، والهداية، والبيان، والفرقان، والشّكر، والرّفث، واللّباس، والاختيان، والمباشرة، والاعتكاف، والحدود وغيرها، كما ربط الآيات بالجانب البلاغي من حيث الخبر والإنشاء، والأغراض المترتبة من الخطاب.

وتطرق الكتاب إلى العديد من المراجعات الفقهيّة مثل الصّيام في السّفر وعلّة المشقة، وبيان حدّ السّفر، وصيام الطّاقة، والدّول الّتي يطول فيها النّهار، وقضيّة القضاء هل محدد بدخول رمضان الثّاني أم مرتبط بعمر الإنسان، وهل على التّتّابع أم يصح تفريق أيامه، وهل على الحامل والمرضع قضاء أم الأصل لهما الفديّة فيدخلان في الطّاقة، وهل الفديّة محددة أم ترجع للظّرفيّة، وكذا المسكنة، وقضيّة رؤية الهلال هل الرّؤية علميّة أم بالجارحة، وقضايا الرّفث والابتغاء والاعتكاف، وبداية الصّيام ونهايته هل بظهور النّجم أم بغروب القرص من الشّمس.

كما تطرق الكتاب إلى قضايا فكريّة ومقاصديّة كنزول القرآن، والصّيام عند الملل الأخرى، والقرب الإلهي، وليلة القدر، وغيرها كثير.

وبطبيعة الحال الكتاب ليس بحثيّا بقدر ما هو تأملات ومراجعات وعرض على القرآن، وقد أكون قد تراجعت عن بعض أفكاره، لكن كطبيعتي أبقِ الشّيء كما هو.

ثمّ أضفت إليه بحث زكاة الفطر بين حاجة الفقير وحرفيّة النّص، كتبته سنة 2008م، وفزت به يومها في مسابقة البحوث في وزارة الأوقاف، وأوصت اللّجنة بطباعته إلا أنّه تمّ رفضه من قبل جهات أخرى في الوزارة بدعوى مخالفته للّرأي المفتى به.

والبحث أيضا نتيجة عمل لي في بعض لجان الزّكاة، وكان حينها التّشدد في إخراج زكاة الفطر نقدا، وشراء الأرز بمئات الرّيالات، مع حاجة النّاس للنّقد، فكان البحث مراجعات من خلال روايات المدارس الفقهيّة الثّمانيّة، وخلصت فيه من خلال التّأصيل الفقهي بعدم وجود أي مانع شرعي في إخراج النّقد وهو قول مجموعة من المتقدّمين كجابر بن زيد [ت 93هـ] وسفيان الثّوري [ت 161هـ] والحسن البصريّ [ت 110هـ]، وعمر بن عبد العزيز [ت 101هـ] وجعفر الصّادق [ت 148هـ]، وأبي حنيفة [ت 150هـ]، وكذا ناقشت جواز التّقديم، مع تقديم بعض المقترحات للّجان العاملة يومها.

أيضا أضفت فيه مقالة كتبها 2006م عن مظاهر الذّبح في عيد الفطر في عمان، والإشكاليات الشّرعيّة والاجتماعيّة المصاحبة لذلك، ونشرت في جريدة عمان، وقدّمت رؤية سريعة حول هذه العادة واعتقاد البعض أنّها سنّة، والتّكلف فيها، والاقتراض لأجلها.

وأخيرا أضفت إليها مطويّة لي بعنوان: المفطرات المعاصرة للصّيام، وأصلها مطويّة كتبت سنة 2011م، وطبعت من قبل دائرة البحوث بوزارة الأوقاف في العام نفسه، وفيها تطرقت إلى العديد من الأحكام المعاصرة الّتي يكثر السّؤال حولها، مثل السّواك والمعجون في نهار رمضان، وقطور العين والأذن والأنف، وبخاخ الرّبو، والإبر، والسّقاية، وأقراص اللّسان، والتّبرع وفحص الدّم، وقلع الضّرس، والتّخدير الكليّ والجزئيّ، ومنظار المعدة والقسطرة، وغسيل الكلى، والتّحاميل، والسّفر إلى بلد يختلف في الرّؤية، أو الرّجوع منه، والسّفر بالطّائرة بعد مغيب الشّمس وقبله شرقا وغربا، والإمساكيّة، وغيرها.

ثمّ جمّعت ذلك كله في كتاب واحد، وتبرع الأستاذ الجليل محمّد بن سليمان الرّاشدي لطباعته عن طريق مكتبته أي مكتبة مسقط، فطبع عام 2019م، هذا قصّة الكتاب باختصار شديد، والحمد لله ربّ العالمين.

السابق
شهادة بدر العبري في الاحتفاء بالمفكر صادق جواد على منصة حدائق الفكر
التالي
الهوّيّة من حيث الماهيّة والأنسنة
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً