الأستاذ الجليل أ.س شكرا لك على هذا التحليل الجميل والمنفتح.
في نظري المسألة تعود إلى أصلين: الأول تحديد مفهوم البدعة، والثاني سعة لفظ كلمة عيد.
فبعضهم يحصر كلمة البدعة في الشرائع التوقيفية، وبعضهم يرى أنها أوسع من ذلك إذا تحول إلى شيء متكرر أشبه بالعبادة التوقيفية، ولهذا رفضوا ليس فقط الذي جاء من الغرب، حتى من التأريخ، كالاحتفالات الدينية كالمولد والهجرة، أو الاحتفالات العرقية كالنيروز، أو الاحتفالات الوطنية كالعيد الوطني.
والذين عمموا وجعلوا هذه من البدع جعلوا من رواية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد، وبعضهم عمم عمل الصحابة والسلف لظاهر آية: ويتبع غير سبيل المؤمنين، ورواية: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، ورواية خير القرون، ونحوها.
وأما الفريق الأول ففرقوا بين ما له علاقة بالتوقيف وما هو واسع، وهذا له أمثلته الكثيرة، وهو الذي ساد لقرون، إلا أنّ من هؤلاء من شدد في أعياد الآخرين لروايات النهي عن التشبه، ولمقاصد عدم التقليد، ومن أجاز جعلوا ذلك من المشترك الإنساني أي لا يكون متعلقا بطقوس معينة، وإنما مرتبطا بذات الإنسان كنحو اللباس والأكل والشرب والمسكن والخلطة ونحوها، مما هو مشترك بين البشر، والنهي عن التشبه فيما هو متعلق بالشعائر والطقوس الدينية.
وأما خلاف اللفظ فناقشه مثلا الشيخ بيوض ت 1980 في الفتاوى، فبعضهم جعل لفظة العيد توقيفية فلا تطلق إلا في العيدين، كما ظاهر رواية أبدلكم الله بعيدين، وبعضهم رأى التّفريق بين ضيق حقيقة اللّفظ وسعة اللّفظ في الذات لغة، فيصح أطلاقها لغة لكل ما هو يعود، ويضيق ذكرها كحقيقة شرعيّة لكلّ ما هو توقيفيّ، ولذا يرى رحمه الله جواز إطلاقها لغة، كما يحتفلون عندهم في ميزاب بعيد الرّبيع سنويا، وهو عيد النيروز في الأصل، وهو من الأعياد القديمة الباقية حتى اليوم.
هذا ما أراه والله الموفق.
دمت بود.1437هـ/ 2016م