الحوارات

لقاء حول تديين الكرة

1444هـ/ 2022م

هل تعد مسابقة كأس العالم، حدث يصح استخدامه في الدعوة للاسلام؟ وهل هذه الطرق تخدم الاسلام حقا؟ ولماذا؟

العبريّ: كأس العالم مساحة جماهيرية عالمية، متعلقة بذات العالم، في جانب معين من جوانب الحياة وهي الكرة، وهي مرتبطة بالإنسان ارتباطا خارجيا رياضيا، فإذا خرجت عن هذا الجانب ضاقت، وإذا ضاقت تصارعت، لكونها تراجعت من سعتها كمساحة عالمية، إلى الأيدلوجيات الضيقة، فالكرة لا تدين أو تسيس أو تربط بعرق.

جاء الناس من العالم إلى قطر إما مشجعين أو مشاركين أو متابعين أو قارئين للحدث، فارتباطهم بالحدث الواسع، وأما خارج ذلك فهم أحرار كأفراد في التأمل في قطر وحضارتها وثقافتها، أو على مستوى أكبر فيما يتعلق بالخليج وثقافته، أو بالعروبة أو الإسلام.

في الخارج، وأقصد به ما خلا ميدان الحدث؛ كأي خارج تتثاقف فيه هذه الأجناس، فهي جاءت مشحونة بثقافات متباينة، دينية أو ثقافية سياسية، يمينة أو يسارية، رديكالية أو لبرالية، والأصل في البلد المضيف توفير أقصى درجات الحرية في حماية هذا التدافع الثقافي، كما توفر أقصى درجات الأمن في حفظ الذوات، والحرية لا تنفصل عن حفظ الذات.

هناك فارق بين تدافع الشعوب، وبين الدولة التي تبتعد عن تديين الحدث أو تسييسه، كما أن تدافع الشعوب يكون وفق قوانين المضيف في الخارج والحدث، أو القوانين المتفق عليها من قبل الفيفا في الحدث.

وفي الأديان الناس سواء، فإذا سمحنا بالتبشير للإسلام هل يسمح بالتبشير إلى المسيحية أو البهائية، وفي المذاهب الإسلامية هل يسمح بالتبشير الإباضي والشيعي والصوفي كالسني، لأن الحدث عالمي، فإذا سمع للبعض يسمح للكل، وإذا اعتبرنا بلد المضيف فلا ينبغي أن يدين أو يمذهب الحدث، وتترك الدولة تدافع ذلك بشكل طبيعي.

والناس لما يأتون إلى بلد المضيف أو ما جاورة، ويجدون الصدق والنظافة والنظام والعلم وحسن الاخلاق؛ سيبحثوف في سبب ذلك، ويدركون أن الإسلام والعروبة لا تعني كما يصور التخلف  والفقر والجهل، وهذا أكبر تصحيح للإسلام والعروبة، يغني عما يثار فيما نسمعه في الحدث.

وما تعليقك حول الشائعات الكثيرة حول اسلام العديد من الشخصيات مثل مورجان فريمان وتصويره أنه انتصاره للاسلام؟

العبري: القوي لا يحتاج إلى تبرير ذاته بالكذب والشائعات، من يعمل ذلك يعرف أنه في أضعف مراحل وجوده، وخطابه ضعيف، وإذا كان دينه يدعوه إلى الصدق فكيف يكذب في تبليغ دينه، فهو يسئ إلى دينه، ويخالف ما أمر به.

الإسلام يدعو كغيره من الأديان إلى الحجة والبرهان، {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}، ومن دخل مقتنعا سوف يصدق، وليست العبرة بالكثرة، وإنما بالصدق والاقتناع، كان مع الإسلام أم مع غيره، ومن يتشبث ليخلق قصصا وهمية مستغلا بعض الرموز الفنية أو الرياضية أو السياسية؛ فهو يدرك أنه ضعيف الحجة والبرهان.

اخيرا تقييمك لدعوة ذاكر نايك، خاصة من الناحية الشريعة والعلم الحديث؟

العبري: لا أعرف ذاكر نايك كثيرا، ولا يهمني من هو ولا غيره، وهو حر في نشر ما يؤمن به، ثم الكثير أيضا من الأخبار التي تنشر فاقدة للصحة، أو يخلقها التيارات الدينية، وجميع ذلك يندرج كما أسلفنا إما في تديين الحدث أو محاولة إثارة الآخر وكأننا في معركة إثارة، وليس في دعوة مبنية على حسن التعامل مع الآخر، وعلى الحجة والبرهان.

السابق
لقاء حول الجانب الثّقافيّ  والصّحفي في عمان في السّبعينيّات من القرن العشرين: الغدير أنموذجا على قناة أنس اليوتيوبيّة [الجزء الأول]
التالي
“حِراء” من الغنوصيّة إلى الشّهوديّة، ومن الذّات إلى الوجود
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً