يعتبر الخطاب الإباضي من أقدم الخطابات في المدارس الإسلامية لتقدم نشأتهم التأريخية، وعدم اقتصارهم في الحياة على الجانب العملي النظري فحسب، بل اهتموا بالجانب التطبيقي في نظرتهم إلى الحياة بوجه أخص، مع اهتمامهم أيضا بالجانب السياسي، فلذلك تجد الفقه الإسلامي فقيرا في الجانب السياسي خلا الإباضية الذين كان لهم تنظيرهم وممارستهم العملية السياسية طول التأريخ.
والمتأمل في الخطاب الإباضي في المؤلفات الأولى يجده ينطلق من القرآن الكريم، في جميع خطاباته، الفكرية والعملية والسياسية والمالية والمجتمعية، لذا سنجد الأدبيات القرآنية في نقد الآخر حاضرة، والبعد عن السباب والتنابز بالألقاب وسوء الظن وغيرها من الأدبيات القرآنية من أهم المنطلقات في التعامل مع المخالف.
ولذا لم تستطع الرواية أن تخترق الفكر القرآني إلا بحذر شديد، وعليه وإن حدث بعد القرن الثالث تساهل نوعا ما في الجانب الفقهي، إلا أن الجانب العقدي والسياسي بقي قرآنيا، وكذلك التعاملي مع المخالف.
ونحن لا نلغي الاستفادة من مناهج البشر، ولكن تحت غربلة قرآنية، والانطلاق من القرآن ذاته، ليس في نقد مناهج البشر، بل حتى في نقد المذهب الإباضي ذاته، ولا ضير في ذلك، فالله تعالى أمرنا بالنظر والنقد فيما خلّفه الأجداد من تراث ورويات وتأريخ، والجديد فقط الذي لا يبلى، كتاب الله وكفى، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
واليوم للأسف نجد اختراقا في الخطاب الإباضي وتحوله تدريجيا إلى خطاب أهل الحديث، والذوبان في منهجم، والتنكر لمنهج الإباضية الأوائل، وجعله غريبا عن أبناء المذهب، بطريق قد لا يقصدونه، ولكن الانبهار بتراث أهل الحديث جعلهم يتصورون أنه الحق الحقيق الذي لا بد منه في التحقيق، ومع تراجع مجموعة من أصحاب الحديث ومناداتهم بالعودة إلى القرآن وعدم الانبهار بمنهج المحدثين والتسليم له دون رؤية قرآنية وانطلاق قرآني، إلا أننا نجد من الإباضية اليوم وممن يحمل فكر الإباضية، نجده يستسلم لما يقوله المحدثون، دون إعمال عقلي، ورؤية قرآنية.
وأنا هنا كما قلت آنفا لا أعني من كلامي الاستنقاص من منهج أهل الحديث، ولكنه منهج روائي بشري، لا يعلو على منهج القرآن، حيث أنّ العديد من منهج أهل الحديث أطر بعيدا عن القرآن الكريم بصورة واضحة، فنجد الاختراق اليهودي في العقيدة، ودخول عقائد غيبية جديدة لم تذكر في القرآن، والتنظير للظالم، وإلغاء عشرات الآيات بآحاديث آحادية، وانتشار الإرجاء في العالم الإسلامي، وغيرها يطول، لأن منهج التصحيح والتضعيف لم يستطع أن يوجد لنا منهجا واضحا في نقد الخطاب الروائي، والإمام أحمد أبو الجرح والتعديل ذاته، لم يستطع بهذا المنهج أن يخلص مسنده من عشرات الأحاديث الموضوعة والضعيفة التي أثرت في العالم الإسلامي إلى اليوم.
والإباضية الأوائل لم ينبهروا بعلم الحديث ورجاله لا عن ضعف، ولكن لإدراكم أن الرواية الصحيحة بذاتها لا تخرج عن محكم القرآن، فنحن بحاجة إلى النص وتقييمه، وهذا ما قاله ابن تيمية مثلا في رفع الملام عن الأئمة الأعلام ونصه: “بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين – أي كتب الصحاح والمسانيد – كانوا أعلم بالسنة من المتأخرين بكثير، لأنّ كثيرا مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول، أو بإسناد منقطع، أو لا يبلغنا بالكلية”، وكلام ابن تيمية الأخير وهو قوله أو لا يبلغنا بالكلية، فإن كانت الروايات تشكل تشريعا ربانيا فهذا يعني أنّ الشريعة ناقصة لأنه لم يبلغنا، والله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[1]، وعليه الإسلام أكمله الله بإكمال كتابه، وكلامه يخالف منهج أهل الحديث الذيت يستسلمون لتصحيح السند غالبا، فالسند الصحيح ليس دليلا على صحة المتن، والعكس صحيح، ولذا عندما حدّث الحسن البصري بحديث، فقال له رجل: يا أبا سعيد، عَمّن؟ فقال: ما تصنع بعَمّن؟ أما أنت فقد نالتك عظته، وقامت عليك حجته، وهذا إذا وافق كليات القرآن، وإلا القرآن في غنى عنه.
وقال ابن مسعود: كونوا للعلم رعاة، ولا تكونوا له رواة، فقد يرعوي من لا يروي، أو يروي من لا يرعوي.
وعليه نجد الإباضية الأوائل يطبقون قاعدة العرض على القرآن، وهذا ظاهر في الجانب العقدي، وقاعدة العرض على الأثر، أي العلماء الثقات الذين نقلوا الشريعة كابرا عن كابر، فلم تغزوهم حينها نظرية: إذا صح الحديث فهو مذهبي، لأن هذا الحديث ذاته وإن صح سندا، فتبقى صحته ظنية، وما نقله الثقات عمليا، في أمر يعتبر قاعدة في حد ذاته، ومن أمثلة هذا:
- ردّ أبي عبيدة بن أبي كريمة شيخ المذهب، لما روي عن ابن عمر قوله: “هذا بحر وتحته سبعة أبحر، وتحتها النيران” وعليه استخلص عدم جواز الوضوء من ماء البحر، ردّ هذا أبو عبيدة لأنه يعارض القرآن والأثر، أما معارضته للقرآن فلقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا}[2]، وأما معارضته للأثر فما تناقله العلماء عن عمر بن الخطاب، وهو أبو عبد الله ناقل الرواية، في قوم أتوا إلى عمر وقالوا له: إنّ أناسا يأتوننا ويزعمون أنّ البحر لا يتوضأ بمائه، ولا يغتسل به من الجنابة، فقال: كذبوا أولئك، أئتوني بماء البحر نتوضأ به ونتطر، هو الطهور ماؤه والحل ميتته[3].
- ردّ الربيع وشيخة أبي عبيدة لرواية ابن مسعود في الرجل إذا توضأ ثم لمس أو قبل جاريته أو امرأته أنه يعيد الوضوء، لمخالفتها القرآن والأثر، أما القرآن فلقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}[4]، والملامسة الجماع، وعليه كان الأثر.
- ردّ أبي المؤرج وابن عبد العزيز لما يرويه الآخرون من أن التيمم يعاد لكل صلاة ولو لم ينقضه ما ينقض الوضوء، ردّوا هذا بآية الوضوء، والتيمم له حكم الوضوء[5].
- ردّ أبي المؤرج لروايات المسح على الخفين من طريق القرآن والأثر، أما القرآن فلآية الوضوء في المائدة[6]، حيث أشارت إلى غسل الرجلين، ثم قال: ولا نعلم في كتاب الله شيئا نزل نسخه إلا بالقرآن، ولا نعلم رواية نسخت القرآن، إنما ينسخ القرآن القرآن، وكذلك قال الله تعالى في كتابه: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[7]، وأما الأثر لمخالفته من روي عن كبار الصحابة كابن عباس وعائشة وعلي بن أبي طالب، وكبار التابعين كجابر بن زيد[8].
- ردّ جابر بن زيد للقنوت في الصلاة لمخالفته القرآن والعمل أو الأثر، أما من القرآن فقوله تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[9]، والصلاة كلها قنوت، وأما الأثر فقوله عن الدعاء بعد الركوع: “هذا أمر محدث، لا نعرفه ولا نأثره عمّن مضى من خيار هذه الأمة”[10].
فهذه نماذج من أقدم مصدر فقهي إباضي في التعامل في زمن قلت فيه الروايات، فلم نجد قدحا في رجال، ولا اهتمام ببشر، بل هي رؤية قرآنية، ونقد للمتن، بل حتى تعاملوا معه عقلا، وسأذكر لكم مثالين في جانب الطهارة والوضوء فقط لضيق المقام:
المثال الأول: تعاملهم مع رواية: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب، وما يماثلها من ألفاظ مع بعض الاختلاف، فسئل أبو عبيدة: أتوقت في غسله ثلاثا أو سبعا كما قال هؤلاء؟ قال: لا أوقت في ذلك وقتا دون حسن التنقية والغسل، فإن أنقاه في مرة واحدة فليتوضأ به[11].
المثال الثاني: التوقيت في غسل الوضوء ثلاثا ثلاثا، قال أبو عبيدة: لا أوقت في ذلك وقتا لأنه لم يأتنا أمر يُنتهى إليه دون حسن الغسل والتنقية، إن كان ثلاثا فثلاثا سابغات، وإن كان اثنتين فاثنتين إذا كانتا سابغتين، أو واحدة فواحدة إذا كانت سابغة، كل ذلك يجزيه، ولا يجزيه ثلاثا أو أكثر من ذلك إذا لم يسبغ الوضوء وينقي، وليس في الإقلال والإكثار في ذلك عندنا وقت[12].
هذه الخطاب الإباضي القرآني العقلي سنجده يغيب اليوم في كثير من الكتابات والقراءات، بل والخطابات الإلقائية، وسنجد غزوا روائيا، ومنهجا آخر يتشكل بصورة واضحة في خطابنا.
قراءة في كتاب الأجوبة المسكتة لأبي الطيب الطيواني:
بداية القراءة النقدية للذات أمر مهم لا غنى عنه، ولا يعتبر قدحا لشخص أو مذهب أو منهج، ثم اختياري لهذا الكتاب لا يعتبر تنقيصا لكاتبه، فأنا لا أعرفه رأسا، وثانيا قد أكون ما أقوله ليس سليما، فننقد بعضنا بعضا في جو قرآني ليتشكل لنا المفهوم السليم، والرؤية الصحيحة، وهي ليست حكرا لأحد، وعموما من خلال قراءتي لكتب المؤلف ومنها هذا الكتاب رأيت الخطاب الحنبلي الحديثي يتشكل في منظومتنا الإباضية، ولا بأس من الاستفادة من الآخرين، ولكن – في نظري – أن لا يلغي النظرة الإباضية، وهي بلا تعصب للمذهب لها قرب قرآني رفيع باعتراف العديد من المدارس الأخرى، وعموما لا أستطيع التعليق على جميع جوانب الكتاب، فأركز في قرائتي لبعض الجوانب:
الجانب الأول: التركيز على شخوص بعينهم، ومحاولة تعديلهم أو تجريحههم، لاعتبارات ذاتية أو مذهبية، وهو منهج أهل الحديث في كتب الجرح والتعديل، وهذا المنهج بعيد في خطه عن القرآن الكريم، فنجد القدح في رجال عن طريق الظن وعدم التثبت، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[13]، وقوله تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}[14]، ونجد التنابز بالألقاب (خارجي، ناصبي، رافضي، جهمي …) والله تعالى يقول: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[15]، لذا سنجد التناقض في تجريح الرجال وتعديلهم، وحكر ذلك على أوصياء لم يعطهم الله إياها.
والكاتب نفسه أي الطيواني، لو أنزلناه إلى عصرهم لاختلف أهل الجرح والتعديل فيه، فهو لكونه إباضيا يدور في دائرة أهل البدع والخوارج، وهو في الوقت نفسه ثقة في مذهبه، فهو معدل عند أهل مذهبه، مقدوح عند أهل الجرح والتعديل، فإذا لم نسلم بما يقال اليوم، فهل نسلم بما قيل لأولئك الرجال، ونأخذ عن هؤلاء ديننا، ونلغي عقولنا.
ولهذا لم يندرج أصحابنا في هذا الميدان، ولم يشوهوا كتبهم بتجريح فلان أو علان، بل حتى الخلاف فيما بينهم كان قرآنيا ساميا، ومخالفيهم في المذهب كانت لهم كرامتهم ومكانتهم، فأبو حنيفة لم يتحول عندنا إلى أبي جيفة، ومالك لم نقدح فيه ولا أحمد ولا غيرهم، لأنّ التعامل كان مع الأفكار لا الرجال.
وفي هذا الكتاب سنجد الحديث عن: الكوثري، وأحمد الغماري، وأحمد شاكر، ورشيد رضا، وسيد قطب، وأبي إسحاق إطفيش، والألباني، وابن عبد الوهاب، ومقبل الوادعي، ومشهور، وعلي الحلبي، وغيرهم.
وتراجم الرجال عند أصحابنا لا نجد فيها تنقيصا لأحد، ولو خالف اتجاه الكاتب أو المذهب، بل هي نقل للفكرة، والتعامل معها، دون أن نجعل من أنفسنا أوصياء لنقوّم أو نعدّل، فالحكم لله تعالى وما أنزل في كتابه لأنه نور وفرقان، وما عدا ذلك يترك للتأريخ.
بينما سنجد الكاتب في تقيمه مثلا يقول:
- يقول عن أحمد شاكر: غير أني رأيت العلامة الشيخ عبد الله الغماري لا يعتبره محدثا أصلا، ثم يورد ما يناقضه عن أحمد الغماري[16]، وهذا في الحقيقة منهج أهل الحديث، يقدحون فيمن لا يرغبون، ويرفعون من يحبون، والله تعالى يقول: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}[17]، فمن يملك ميزان تقييم من اهتم بالحديث، وعلى أي منهج يقيمون؟ ثم ما الفائدة إلا أكل أجساد الأموات والأحياء، فما الفائدة الذي سيجنيها القارئ من هذه المعلومات النيرة، ونحن في عصر البحث العلمي، والأمانة العلمية، ولماذا نعطي الناس أحكاما مسبقة عن الأشخاص، خطابنا الإباضي يقدّم الفكرة أما الأشخاص والحكم عليهم فليس من منهجنا ولا خطابنا.
- الحديث في الألباني، وبيان تناقضه وذكر من قدح فيه، وقد ذكر هذا ليس من باب البحث العلمي، ولكن من باب الحكم على الأشخاص، فللأمانة أن الألباني تنظر إليه عينان، عين الرضى وعين السخط، وعليه الأصل كخطاب إباضي قرآني أن نعدل في الحكم، ثم لا نلوم الألباني أكثر مما نلوم المنهج الذي استخدمه، فلا يوجد محدث غالبا غير متناقض، وهذا شيء معلوم، ولنترك الحكم على التأريخ، ولنتعامل ما تركه الألباني كتراث قابل للنقد، أما هو كشخص لسنا عليه بأوصياء، وما قيل عنه ظن نوكل أمره إلى الله تعالى.
- قوله نقلا عن أحمد الغماري في ابن العربي أنّ بضاعته في الحديث مزجاة …[18]، وهذه مشكلة أهل الحديث أنهم يتصورون أن منهج الحنابلة الأوائل هو المنهج الوحيد في الحديث، ولذا جعلوه ميزانا للحكم على الناس، ثم القدح فيهم لمجرد عدم اهتمامهم به، ولو كانوا علماء أفاضل، وفلاسفة كبار، وهل ابن العربي بحاجة إلى حكم الآخرين عليه، فقد ترك تراثا يدرس وينقد دون توصية لمنهج أو أشخاص.
- قوله عن مقبل الوادعي: كاتب حشوي جلد من أهل اليمن، سليط اللسان، خبيثه، …[19]، فمتى كان الخطاب الإباضي ينزل إلى هذه الدرجة من السب والشتم، والله تعالى يقول: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}[20]، ويقول عمن سبهم وشتمهم: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}[21].
- قوله نقلا عن الشيخ سعيد القنوبي في الطوفان في الحديث عن مقبل ومشهور والحلبي والألباني: “هذا ومن الجدير بالذكر أن مقبلا هذا فلا ينبغي أن ينقل كلامه ولا يعتنى به، وهكذا يقال في أمثال علي الحلبي، ومشهور، وأضرابهما، وكذا شيخهم الألباني المتخابط”[22]، فمتى زل الخطاب الإباضي إلى هذا الدرك من الخطاب غير القرآني، والله تعالى يأمرنا أن ننظر في آثار المجرمين فكيف بإخواننا المسلمين، ولنترك الحكم للعقل والتأريخ، فلم يكن الخطاب الإباضي يوما وصيا على أحد.
- قوله عن بكر أبي زيد: ومن جهالته وروغانه الثعلبي المكشوف[23]، وهذا في اعتراف المذكور بثلاثية السند عن الربيع، وكان بإمكانه أن يعلق دون إساءة كلامية لأحد، وقد ذكر الدكتور في كلامه: الربيع بن حبيب إلى جابر بن زيد معدودون في قالب مذهب عقدي خارجي[24]، وذلك لأن الدكتور ضحية لمنهج أهل الحديث، فينبغي أن نعدل إلى منهج القرآن القائل: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}[25]، فنذكر كلامه دون إساءة ولا قدح، وهذا منهج المناظرة والرد عند الإباضية طول تأريخهم.
- قوله عن ابن بطة العكبري من شيوخ الحنابلة: … على ابن بطة الكذاب … ومتى كان ابن بطة محدثا؟ وإنما المعروف فراريج البطة العبث بالماء كما عبث ابن بطة بالحديث النبوي …[26]، وهذا كسابقه لا يحتاج إلى تعليق لو أن هؤلاء رضعوا من لبان القرآن!!!
- قوله عن سالم برهيان من أهل تنغا قوله: فعلا هذا الرُّجَيْل من به مس من الحشوية … أراد صويحبها[27]…، وكان بإمكانه أن يردّ قوله بالحسنى، دون تنقيص ولا سباب، والله تعالى يقول: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}[28].
المجال الثاني: استخدام مصطلحات تهويلية في الخطاب القبولي أو الرفض اعتمادا على منهج أهل الحديث، ومن أمثلته:
- قوله في حديث: إذا توضأتم فأشربوا أعينكم الماء، قال: هذا الحديث باطل ضعيف حقه أن يضرب به عرض الحائط لشدة وهائه[29]، وزاد في الهامش: حديث موضوع، وهذا الخطاب دخيل على الإباضية، فكان يكفي أن يقول هذا الحديث وفق منهج المحدثين لا يصح، ثم يدرس متنه، لأنه جملة يدخل في غسل الوجه والإسباغ فيه، والرواية لا تزيد ولا تأخر من الأمر شيئا، والتلطف في الأخذ والرد خطاب إباضي أصيل.
- قوله في حديث: “كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع”، قال: هذا الحديث باطل، بل هو موضوع[30]، وحكم على هذا الحديث باعتبار السند، ونحن لسنا بحاجة إلى هذا الحديث، فالله تعالى علمنا أن نبدأ أو نفتتح كتابه بالبسملة، وجميع ما في الكون من آيات الله تعالى، ومع هذا نتعامل مع النص كأدب قرآني بنقده علميا، وعرضه على كتاب الله، ولفظة باطل موضوع مصطلحات دخلية على منظومتنا الإباضية، وجل أصحابنا تعاملوا مع الرواية تعاملا جيدا، ولم يلتفتوا إلى السند بقدر التفاتهم إلى المتن.
ومن أمثلة هذا في المدونة ذاتها ما تقدّم من ردّ أبي المؤرج وابن عبد العزيز فيما رواه المخالفون في إعادة التيمم لكلِّ صلاة، فكان جوابهما: لسنا نأخذ ذلك من أقوالهم، ولا ينقض التيمم عندنا إلا ما ينقض الوضوء من حدث أو نوم أو غير ذلك، أو يقدر على الماء، فتعامل هذان الشيخان مع النص كنص، وعرضاه على القواعد العامة، مع أدب قرآني رفيع في الرد، وعدم إهمال للعقل.
- قوله في حديث: “لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد”، هو حديث صحيح، ولا عبرة لكلام من ضعفه[31]، وهذا أسلوب بعيد عن خطابنا الإباضي القرآني، فنحن وإن اختلفنا مع الآخرين في الحكم على بعض الأمور، ولكن لا نقصي ولا نلغي، وفي الوقت نفسه لا نستهجن ما يقوله الآخرون، ولو كانوا مشركين، وقدّ رأينا نصوصا من المدونة كيف تعامل أصحابنا الأوائل مع مرويات غيرهم مع نقدها، فهم يبينون سعة الرأي، ولكن في الوقت نفسه يذكرون سبب عدم تعويلهم عليها.
- قوله في حديث: “إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته” قوله: كلا وألف لا، وقد اغتر البعض به لتصحيح بعض الناس له … وجمع عليه الألباني خيله ورجله … بما لا يجدي[32]، ويصور هنا لنا الطيواني كأنه في صراع مع أشخاص، وكأن ما وصل إليه مسلم به، مع قصره فقط على جانب السند، والأصل أن يبين وجهته، وسبب استدلال العلماء له، دون قدح أو ذم لأشخاص، أو قطع لمسائل الرأي، وهذا من أبجديات الخطاب القرآني.
- قوله: والعجب ما رأيته في رسالة بعنوان: رسالة إلى مؤذن” لكاتبه خليل بن صالح الجبالي وهو من أهل الحشو من عزوه هذا الأثر إلى البخاري في صحيحه إلى أسماء بنت يزيد مرفوعا: ليس علي…، وهذا الخطأ في الواقع ليس منه، وإنما نقله من مراجعهم الحشوية كما تدل على ذلك إحالته[33] …، فسبحان من كتب السهو على بني البشر، فربما أخطأ، أو أخطأ من نقل عنه، فلماذا لا نعذر بعضنا بعضا، وهي قاعدة قرآنية رفيعة، ثم لماذا التنابز بالألقاب: حشو، الحشوية، وما فائدتها هنا!!!
- قوله في الأحاديث الودعانية: فأحاديثها موضوعة، بل هي مسروقة، لا خير فيها ولا كرامة[34] …، وهذا من التعميم، والمنهج العلمي القرآني قائم على النقد، لا على إلقاء الأحكام هكذا، وتهويل الأمر في الرد.
المجال الثالث: محاسبة النيات، والأصل القرآني حسن الظنّ، والله تعالى يقول: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}[35]، ومن أمثلة هذا:
- مناقشة ما استدل به الألباني عندما أدخلت سيارات الأسعاف بأصواتها، حيث استدل بالأثر إذا سمعت المصيبة، فقال: “إذا رأيتم النار فكبّروا”، فقال الطيواني مضعفا الحديث ومعلقا: فلو قال غيره – أي غير الألباني – لقامت القيامة، وأنّ ذلك من أثر الأحاديث الضعيفة، وأنه تشريع غير مسبوق، وأنه بدعة، وأنه وأنه …[36]، والأصل حسن الظنّ بالناس فضلا عن المؤمنين، وترك الأحكام المسبقة على الناس.
- قوله في بكر أبي زيد عندما تحدث عند السلسلة الذهبية لمسند الربيع قوله: وهذه الميزة جعلت بعض الكاشحين أمثال الدكتور أبو زيد يموت حقدا وحسدا من أجلها[37]، وكان يكفي أن يشير إلى اعتراف بعض قومنا بهذه السلسلة، وندرة وجودها، لا إلى محاكمة نياتهم.
- قوله كذلك في الدكتور المتقدم في تواتر حديث: “من لم يقل ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار” قوله: لا أدري أهو صادق في دعواه أم كعادته يغلبه الهوى فيكذب كما كشف أكاذيبه غير واحد …[38]، وهذه كسابقتها!!!
المجال الرابع: تفخيم الأشخاص، والمنهجالقرآني يعلمنا درسا في هذا، فالله تعالى لم يذكر حتى رسوله – صلى الله عليه وسلم – إلا بلفظي النبوة والرسالة، وهما وظيفة من الله وكل بتبليغهما، وكذا سائر الأنبياء، فموسى مع مكانته ذكره بلفظه، ودواد وإبراهيم وغيرهم من أنبياء الله، وهذا المنهج نفسه سار عليه أصحابنا، خاصة القرون الأولى، ثم نتيجة التأثر بأهل الحديث أصبحنا – للأسف – نضيف ألفاظا وألقابا إلى مشايخنا، وقد يكون هذا مستساغا في جلسة حديث شفوية لبيان قيمته، أو مقدمة لكتاب، أما أن يتكرر اللقب عشرات المرات وبصور مختلفة، مع ذكر علماء آخرين، وقد يكونون أكثر علما، لا يشار إليهم أكثر من الشيخ أو الإمام، فهذا يؤثر على البحث العلمي، بل هو بعيد كل البعد عن المنهج القرآني، الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، وليس في هذا أي إساءة للشيخ أو العالم، ومثال هذا:
- قوله عن الشيخ سعيد القنوبي: الإمام الناقد[39]، شيخنا الإمام الحافظ المحدث[40]، المحدث الحافظ[41]، حافظ العصر[42]، شيخنا نادرة العصر وصيرفي الحديث[43].
- قوله عن الشيخ أحمد الخليلي: خاتمة الحفاظ[44]، شيخنا بدر الدين[45]، سماحة العلامة ولي الله[46].
المجال الخامس: القدح في نتاج الآخرين، ومن أمثلة هذا:
- قوله: … وتابعهم عليه الألباني في صحيحته التالفة[47]، فمتى وجدنا أباضيا طول التأريخ تعامل مع إنتاج غيره بهذا الخطاب الاستنقاصي، والله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[48]، وكان يكفيه قرآنيا ومنهجيا وعلميا ذكر المصدر دون استنقاص من إنتاج أحد.
- قوله عن كتاب الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي عندما نسب إنكار الرجم إلى الإباضية في طبعته الأولى، وقد رجع عن ذلك في الطبعات اللاحقة، قوله: وليته لما تراجع عن قوله بين الأمر، وقد وقع في تلك الورطة، لأنّ الكتاب ذاع وشاع، بما فيه من سموم …[49]، وليته قال كما قال الله: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}[50]، حيث نستبدل الورطة والسموم بالخطأ، وهو خطأ منهجي، يقع فيه الجميع، فلا مزايدة في المنهجية، ولا محاكمة للنيات.
- قوله عن كتاب “المناهي اللفظية” للدكتور أبي زيد: ما من كتاب كتاب وإن اشتدّ هزاله إلا وجدته حوى بعض الحق، وقد قال تعالى في شأن الخمر: “وإثمهما أكبر من نفعهما”، بس سؤال بسيط للدكتور المؤلف، فأقول: يا دكتور، لماذا أدرجت كلمة الدكتور، يعني لقبك في معجم مناهيك اللفظية، وأنت تنكر إقحام الألفاظ الوافدة من الغرب، … فالرجاء أن تعيد النظر في الطبعات القادمة للكتاب بكل جرأة يا دكتور!!![51] …، والسؤال ما الداعي إلى هذا، وما القيمة من استنقاص الآخرين، لماذا لا نتعامل مع الأفكار، فسبحان من أنزل إلينا كتابا فتركناه مهجورا، لنقتدي بأهل الحديث في سبهم وقدحهم، والله تعالى ذكر إبليس وفرعون وقارون وهامان وأبا لهب بدون قدح أو تنقيص لذات، ولكن تعليما لنا إنّ الحوار مع الأفكار والسلوك لنقوم لا لنستنقص ونسخر!!!
- تهوين ما رجّحه على القاري بقوله: … وهذا في الواقع في الأسواق العلمية بضاعة كاسدة، وهو عند المحققين دعوى باردة، وحجة فاسدة، وعند المتحررين النابذين للتقليد الأعمى مع وضوح شمس الحق، إن هو من القاري إلا انتصار مذهبي صارخ[52] …، وهذا كله في مسائل الرأي، ولا تحتاج إلى مثل هذا التعسيف، فسبحان من خلق!!!
المجال السادس: الخطأ المنهجي، ومن أمثلة هذا:
- قوله في حديث: “المني والمذي والودي ودم الحيضة ودم النفاس نجس، لا يصلي بثوب وقع فيه شيء من ذلك حتى يغتسل ويذهب أثره” قوله: هذا الحديث دليل قاطع لنا على نجاسة المني، والحافظ حجة على من لم يحفظ[53] …، وهذا تأثر بمدرسة الحنابلة الأولى الذي يعولون في منهجهم على الأثر ولو ضعف، فمتى كان الحديث الظني قاطعا لمسائل الخلاف، فنجاسة المني تبقي ظنية لظنية الدليل، فكيف نضيّق سعة الخلاف لنرفعه إلى القطع، وأصحابنا من أوائل من فرقوا بين مسائل الرأي والدين.
- قوله عن مسند الربيع: أنه أصح كتاب – من حيث الجملة – بعد كتاب الله، علما بأننا لا نزكي على كتاب الله كتاب أحد، ويتلوه البخاري فمسلم[54]، ونحترم رأيه، إلا أنه لا يوجد كتاب صح بعد القرآن، ولا يقاس على كتاب الله كتاب بشر ليتلوه صحة، فكتاب الله: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[55]، {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}[56]، فإذا كان القرآن مصدّقا ومهيمنا على كتب الله السابقة، فهو أولى بالتصديق والهيمنة على كتب البشر، ولفظة الربيع أصح بعد كتاب الله لفظة دخيلة على المذهب، ومتأخرة، استخدمها بعض العلماء كالسالمي تأثرا بالمخالفين، ولا تراها في كتب المذهب الأولى، والأولى – في نظري – تركها، احتراما وإجلالا لكتاب الله تعالى.
- قوله في حديث الربيع: أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام، قوله: فلا معنى عندنا ولا كرامة لرد الألباني في الصحيحة …. إذ المعول عندنا تصحيح الحديث على سند الربيع لا غير، وعلى الألباني والمتألبين إن ذاقوا – ولا أراهم ذاقوا – يوما طعم النصيحة وخدمة السنة، أن يأخذوا بما صح عند الإمام الربيع رضي الله عنه[57]، فمتى كان الإباضية منهجيا يلزمون غيرهم بما يرونه صوابا، خاصة وإنّ هذه المسائل من مسائل الرأي، وهي مبنية على اقتناع لا إلزام، والله تعالى نفسه ألزم الإقرار بوجوده واتباع شرعه على الاقتناع لا الإلزام حيث قال: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[58].
خاتمة:
وفي ختام مقالي هذا لم أرد بهذا استنقاصا من أحد، ولكني رأيت العديد من الكتابات الإباضية والردود بدأت تأخذ منحى غير المنحى القرآني، وكانت كتبهم طافحة بالأدبيات القرآنية، ونحن لا بأس أن نستفيد من منهج أهل الحديث، ولكن هذا المنهج باعتراف العديد من أهله اليوم بحاجة إلى إعادة صياغة قرآنية، وإلى الوقوف معه وقفة صادقة.
ولم أرد هنا الإسهاب في أدبيات الرد القرآني، وقد ذكرت مجموعة من ذلك في مقالي في الصفحة: قراءة في اشتراكية الفردوس للدكتور زكريا المحرمي.
هذا ما أردت قوله من قبيل الإصلاح لا غير، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.
كتبه: بدر بن سالم بن حمدان العبري
كاتب وباحث عماني
ليلة الخميس، 10/ رجب/ 1433هـ يوافقه: 31/ مايو/ 2012.
[1] المائدة/ 3.
[2] الفرقان/ 53.
[3] المدونة لأبي غانم الخراساني، ص 50 – 51.
[4] المائدة/ 43.
[5] المدونة/ 58.
[6] المائدة/ 6.
[7] البقرة/ 106.
[8] المدونة: 63 – 64.
[9] الزمر/ 9.
[10] المدونة: 84.
[11] المدونة: 48 – 49.
[12] المدونة: 48.
[13] الحجرات/ 6.
[14] يونس/ 36.
[15] الحجرات/ 11.
[16] الأجوبة المسكتة: 3 – 4.
[17] الأعراف/ 85.
[18] الأجوبة المسكتة: 16.
[19] المصدر نفسه، 16 – 17.
[20] البقرة/ 83.
[21] الفرقان/ 63.
[22] الأجوبة المسكتة: 17.
[23] المصدر نفسه: 65.
[24] المصدر نفسه: 65.
[25] الفرقان/ 63.
[26] الأجوبة المسكتة: 70.
[27] المصدر نفسه: 134 – 135.
[28] الإسراء/ 53.
[29] الأجوبة المسكتة: 45 – 46.
[30] الأجوبة المسكتة: 49.
[31] المصدر نفسه: 49.
[32] المصدر نفسه: 53.
[33] المصدر نفسه: 79 – 80.
[34] المصدر نفسه: 141.
[35] النور/ 12.
[36] الأجوبة المسكتة: 47.
[37] المصدر نفسه: 64.
[38] المصدر نفسه: 65.
[39] الأجوبة المسكتة: 50.
[40] المصدر نفسه: 60.
[41] المصدر نفسه: 81.
[42] المصدر نفسه: 103.
[43] المصدر نفسه: 117.
[44] المصدر نفسه: 55.
[45] المصدر نفسه: 85.
[46] المصدر نفسه: 97.
[47] المصدر نفسه: 61.
[48] المائدة/ 8.
[49] الأجوبة المسكتة: 63.
[50] البقرة/ 83.
[51] الأجوبة المسكتة: 71 – 72.
[52] المصدر نفسه: 126.
[53] الأجوبة المسكتة: 62.
[54] المصدر نفسه: 64.
[55] فصلت/ 42.
[56] المائدة/ 48.
[57] الأجوبة المسكتة: 73.
[58] البقرة/ 256.