1441هـ/ 2020م
الأستاذ الجليل و.ك وفقك الله.
اعتذر للتعقيب على منشورك وهو من باب التعلم من مدرستكم لا التعالم.
قبل الحديث عن الاستحسان وهل هو من باب التخصيص أو القياس أو الاستثناء؛ انت أشرت إلى العلية، فجعلتها مقابل الشرط، فالعلة هي الوصف الظاهر المنضبط المعرف للحكم، مثاله الإسكار في شرب الخمر، فعلية التحريم الظاهرة هي الإسكار، وعليه يقاس عليه ما ليس فيه نص، سواء كانت العلة في الأصل منصوص عليه أم لا، شريطة الظهور والضبط، وهنا لابد أن تكون متعدية، فإن كانت قاصرة لا يصح القياس عليها، فهي أقرب إلى العلة الغائية، وهي التي تسمى بالحكمة او الحكم الغائي لا التكليفي، وهذا ما ذكرته انت من علية القصر والجمع في السفر لأن الغاية التخفيف والتيسير، وإن كانت لي نظرة أخرى في الصيام ذكرتها في كتابي أيام رمضان.
والعلة والشّرط يشتركان في الأثر المترتب وهو الذي لا يلزم من وجوده الوجود أو العدم ولكن يلزم من عدمه العدم، إلا أن العلة داخل الماهية والشرط خارج الماهية، مثال الأول دخول الوقت للصلاة والثانى الغنى للمزكي، فالأول شرط والثاني علة.
فالعلة أخص من الشرط، وحتى تكون مؤثرة لابد أن تكون متعدية وإلا صارت غائية لا تؤثر في الحكم من حيث الأقيسة إلا في بعض وجوه الاستحسان فيمن جعل الاستحسان بالمصلحة، إذا عممنا جانب المصلحة.
وأما قولك “هذا التمييز بين الحكمة و العلة مهم إذا علمنا بأن الأحكام الشرعية نوعان: نوع نعرف الحكمة من ورائها، و آخر لا نعرف الحكمة من ورائها” وفي نظري الكلام ليس دقيقا؛ لأن العلة الغائية (الحكمة) قد تكون ظاهرة وهو الغالب عدا في عبادات غير معقولة المعنى وهو قليل جدا، ومع هذا تكون قاصرة، لأن العلل المتعدية أو المنضبطة أقل من العلل الغائية، فلكل حكم غاية مدركة في الظاهر، ولكن ليس بالشريطة أن تكون منضبطة.
فلهذا قولك “الاستحسان العقلي لا اعتبار له مع وجود النص الصريح” ليس على إطلاقه إلا عند من ينكر الاستحسان جملة كالظاهرية، فقد يكون عندنا نص صريح ظاهر إلا أن يعدل في بعض جزئياته استحسانا إما لنص آخر، كما يعدل من القياس الجلي إلى القياس الخفي، أو يعدل لسبب العرف أو جلب مصلحة أو رفع مشقة.
دمت بود ومحبة أستاذي الكريم وعذرا للتطفل.