المقالات النقدية

جيفارا مناضل أم إرهابي؟ قديس أم نبي أم ملحد؟

إرنستو “تشي” جيفارا، الثوري الكوبي الماركسي الأرجنتيني المولد، والذي توفي صغيرا في ثورته في بوليفيا عام 1967م، وهو في التاسع والثلاثين من عمره، وهو أب لخمسة أولاد.

هذا الرجل الذي أثار القارة الأمريكية الجنوبية في زمن صغير، وأصاب به العم سام [أمريكا] من الهلع والخوف والقلق، حتى ظفروا به في بوليفيا.

إنّ تعرفه على براؤول كاسترو ت 2008م يعتبر نصرا له، وتغيرا في طريق نضاله من طبيب سخر دراجته المتواضعة في التنقل لعشرات الكيلو مترات في علاج المرضى، وبها اقترب من معاناة الفقراء والفلاحين من ظلم الطبقة الكبرى، ومع انعدام التغيير رأى أن الثورة المسلحة هي الحل.

كذلك رأى العم سام وهو يمارس الهيمنة والاغتصاب في حق شعوب مستضعفة، مقابل مصالحه الذاتية، فجعله كارها للعم سام حتى آخر يوم من حياته.

لقد رأى الطبقة الحاكمة والغنية، ورأى دعم رجال الدين من الكاثوليك لهم، وتلون رجال الدين حسب المصالح، ولد كرهه لهذه الطبقة التي تأكل أموال الفلاحين مقابل قصورها ورقصها وحفلاتها الليلية وأسفارها، دون الشعور بهذه الطبقة المستضعفة!!

كذلك ولد له كراهية رجال الدين والدين نفسه، ورأى الحل في الماركسية التي جاءت لإنصاف الضعيف، ففي اعتقاله الأخير سئل هل أنت مؤمن بالله؟ قال أنا مؤمن بالإنسان!!!

هذا الرجل المتواضع الذي لا يفارق كتابه، والكاتب الذي لا يفارق قلمه، والطبيب الذي لم يأخذ قرشا واحدا في علاجه!!!

اقترب من الفلاحين والفقراء والطبقة المظلومة من الناس، وانتصر لهم، فأحبوه حتى اختلفوا فيه، فقال بعضهم أنه قديس وبعضهم اعتبره نبيا جاء لخلاصهم!!!

بينما اعتبرته الطبقة الأرستقراطية والحاكمة مفسدا إرهابيا، واعتبره رجال الدين كافرا ملحدا، خاصة وأنه مارس الشدة لكل من خالف الثورة، فكان يقوم بإعدامهم لدرجة يتصور الناس أنه لا رحمة في قلبه، بينما يرى الفقراء أن لا راحم مثله!!

عندما انتصرت الثورة الكوبية وتولى وزارة الصناعة لاحقا ترك مكتبه واشتغل مع الناس في المصانع واقترب منهم، ولم يستغل فلسا واحدا لمصالحه أو لأسرته التي أحبها، مما زاد صدقه في ثورته، وأنها ليست ثورة منصب ومال، وإنما ثورة مبدأ جعله أكثر إعجابا في نفوس الناس.

جيفارا رأى أنه ليس محله المناصب وإنما محله الثورة، فترك كوبا ومنصبه ليلتحق إلى الكونغو ومن ثم بوليفيا، ليمسك به البولوفيون تعاونا مع المخابرات الأمريكية، وتم إعدامه بسرعة ليشكل بعدها في مقدمة أعظم عشر شخصيات في العصر الحديث رغم صغر سنه، والسنوات القليلة التي عاشها، ومرضة بالربو المستمر؛ حتى أصبح ملهما للعديد من الشباب والثورات، وأحبه الكثير، وصارت صورته من أكثر الصور شهرة، ومذكراته من أكثر الكتب مبيعا.

الخلاصة بغض النظر عن جيفارا وما قيل فيه حبا أو ذما، إلا أنه يضل شخصية نضالية أحدث أثرا كبيرا فكرا وواقعا، فهو الرجل الذي أخلص لمبادئه، ومات على ذلك.

وشخصية جيفارا تضل شخصية تعطي أهمية المراجعة السياسية والدينية، لتكون السياسة والدين في خدمة الإنسان، لا في خدمة الذات والمنصب والدين باسم الإنسان واستغلال حاجته الروحية والبدنية.

فيسبوك 1436هـ/2016م

السابق
الوقف في الإسلام ودوره في تنمية المجتمع المدنيّ
التالي
ربّوا أولادكم على زمانهم
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً