انتشر هذا الوسم انتشارا كبيرا، وانتشاره يشير إلى مؤشر خطر لابدّ من التّعامل معه بعقلانيّة ومراجعة، وإلا تضخمُ غير القادرين على الحصول على عمل له أثره السّلبيّ على السّلم المجتمعيّ لأسباب عدة منها: مجتمعاتنا لا يوجد فيها تأمين مجتمعي للشّاب حتى يحصل على وظيفة، والتّأمين بطبيعته يجعله في مأمن من الحصول على المال عن طريق السّرقة أو السّلوكيات الخاطئة أو التّسول، وفي الوقت نفسه يجعله في مقابل العقاب لخطأ يرتكبه، بيد أن يحرم من حقه، وإن أخطأ يحاسب؛ فهذه عمليّة غير متكافئة دون النّظر إلى الأحوال الجانبيّة في درجة العقاب!!
ثانيا: رأسماليّة السّوق والاحتكار مع ضعف الرّواتب، ومجهوليّة المستقبل، يجعل يعزف العديد عن هذه الوظائف، مع ضعف التّأهيل المجتمعيّ عن طريق مؤسسات تستغلّ هذه الطّاقات استغلالا في نمو البلد، فأكبر طاقة هي طاقة الإنسان واستثماره!!
وإذا كان هناك بطالة واقعية فهناك بطالة مقنعة خصوصا في الوزارات الخدميّة، الّتي أصبحت بحاجة إلى إعادة نظر للمركزية الرّتيبة، فحلّ هذه الوزارات وتكوين هيئات يمثلها بعض علماء الاجتماع حسب بعض النّظريات بالأسرة الكبيرة والأسر الصّغيرة، فالأسرة الكبيرة الّتي تضمّ أسرا تسكن في بيت واحد، لو حدث فيها فساد يصعب علاجه، فإذا وزعت هذه الأسر إلى أسر صغيرة سهل العلاج، فكذلك أمر الوزارات اليوم، فهي أسر كبيرة أصابتها الشيخوخة فهي بحاجة إلى تفكيك وتحويلها إلى هيئات تستغل الطّاقات الشّبابية والعقول عموما، ثم تتخلص من مركزيّة المعاملة الّتي أصبحت عبئا كبيرا…
فكثرة الوزراء والوكلاء والمستشارين حالة غير صحية في الحقيقة، في زمن نحن بحاجة إلى صرف المال في برامج البحث والعلاج والاستقصاء أكثر من حاجتنا في صرف المال في أمور جانبيّة لا قيمة لها عمليا!
وعليه لابدّ من مناقشة إنسانيّة المواطن قبل نظريّة المواطن ذاته، فكلّ فرد في المجتمع إنسان له حقه المطلق في العيش بكرامة كغيره من المواطنين، وأن تكون القوانين حافظة لهذا الإنسان، وأن يكون محفوظا من جميع الجهات، ونحن نعيش في منطقة صغيره حباها الله بخيرات كثيرة، لو استثمرت، وأعطي مساحة للعقول الرّاشدة لأكلوا من فوقهم ومن تحتهم، ووجدوا الخير أمامهم مفتوحا!!!
فالباحثون عن عمل ليسوا نسبة قليلة، ويزيدون بمعدّل كبير جدا، والزّمن يتقدّم بهم، وأول خسارة ليسوا هم؛ بل الوطن؛ لأنّه يخسر طاقات مهمة من طاقاته إن لم يحسن الاستثمار…
ولنا في البلاد العربيّة قدوة، فهذه الدّول الّتي تساهلت مع هذا الأمر يوما ما، مع تقدّمها زمنا، أصبحت الآن عاجزة ولا تعرف أين يكون المخرج، لأنّ الفساد استشرى كلّ شيء، وأصبحت مهددة في أمنها وسلمها من داخلها، وخوفها من أبنائها أكثر من غيرهم….
ونحن لا نتمنى الشّر أبدا، ولكننا في بداية الطّريق، وعدم تمكين العقول الرّاجحة بدراسات واقعية سليمة، بلا شك لن يكون مستقبلنا جيدا، فلسنا من المريخ، ولسنا أبناء الله وأحباؤه، فنحن بشر في النّهاية، تسقط علينا قوانين البشر وسننهم الاجتماعيّة والمعيشيّة …
الحاجة عندنا إلى تغيير واقعي وشامل أكثر من كونها وظائف، فلكلّ فرد في المجتمع حقوق كغيره تماما، والواجبات ملازمة الحقوق، والقضاء على الأمراض المجتمعية بتوفير هذه الحقوق، بدلا من الخطب والمواعظ والأغاني الوطنيّة فلن تجدي شيئا يوم يحين موعده، وسنن الله في الاجتماع لا تتغير ولا تتبدل كسنن جريان المياه، فإذا وقفنا ضدها تجمّعت ثمّ تثور فتأكل الأخضر واليابس، لا أقولها تهويلا وتفخيما، ولكن أن نقولها أفضل من أن نراها؛ لأنّ الحلّ اليوم بأيدينا، فلا ندري غدا يكون بيد من؟ والأيام دول….
فيسبوك 1438هـ/ 2017م