المقالات الدينية

الإسلام والفن

من فلسفة الوجود الجمال، سواء كان الجمال منظورا أو مسموعا أو ملموسا أو متذوقا، فهو جزء من صيرورة الإنسان في الكون، فهو يتمتع بالمناظر التي خلقها الله تعالى في الوجود، يقول سبحانه: وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ،  وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ[1].

لذا نجد الإنسان منذ القدم تصيبه الدهشة في جمال الكون، فطالما تمتع بجمال السماء والنجوم، وشد رحاله في السهول والسواحل والجبال والغابات، حتى أصبحت السياحة اليوم فنا جماليا يتسابق فيه العالم، ليتعرف الإنسان ويكتشف أكثر جمال الطبيعة.

كذلك تمتع الإنسان بجمال الصوت، فيهو يتمتع بصوت العصافير، وصوت حنجرة الإنسان الطبيعية، واعتبر بعض المفسرين قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[2]، أي الصوت الحسن في قوله: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ[3].

أما الملموس والمتذوق فهو يلمس جماليات من حوله يتمتع بهم كملاعبته لأطفاله، وتذوقه لكل ما هو طيب من الطعام والشراب.

من هنا قبل الحديث عن الفن لابد من الحديث بداية عن فلسفة الجمال، لأن الفن تصوير بشري للجمال، حيث حاول تقريب صورة الجمال إما تصويرا أو تقليدا كما سنرى لاحقا.

فلسفة الجمال:

علم الجمال ينتمي إلى علوم الفلسفة، وهو أحدث فرع فيها، ويسمى الاستاطيقا Aesthetics، حيث يرجع هذا العلم إلى نهاية القرن الثامن الميلادي عند الفلاسفة الأغريق[4].

وترى أميرة حلمي مطر أنّ الجمال والفن نشأ مع وجود الإنسان، إلا أنّه كعلم فلسفي نشأ مع نشأة الفلاسفة مع علماء اليونان القدماء[5].

وفي الحقيقة ربط نشأة الفلسفة ومن ثم فلسفة الجمال بعلماء الإغريق فيه نظر، لأنّ الفلسفة وجدت قبل اليونان، ومنها الفلسفة المصرية القبطية أو ما سميت لاحقا بالفرعونية، والفلسفة الكلدانية، ولكن لعلماء الإغريق فضل التقعيد والتجميع والتكوين، وعلماء العرب وفلاسفتهم فضل حفظ الفلسفة الإغريقية وترجمتها وتطويرها.

والجمال في الإنسان وعشقه له فطري غريزي لذلك حاول البحث عنه وفهمه ومن ثم تقليده، أما تقليده فله صور عديدة من ذلك جمال اللباس، يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[6]، واللباس تقليد للباس الطبيعة، وحاول الإنسان تطويره في أشكاله ورسوماته، وتعدد اللباس في ذاته فن إنساني بديع.

كذلك استغل جمال الطبيعة في صنع بيته والتفنن فيه، مما اعطى للهندسة المعمارية ذوقا جماليا وفنيا.

وحاول أيضا تقليد أصوات الطبيعة في صنع الآلات والألحان، وابتكار المقامات والقواعد الموسيقية، بجانب الإبداع الشعري وقواعده، والفنون الشعبية.

وفي المقابل كان التصوير والنقش والرسومات الفنية، واليوم الإبداع الرسمي عن طريق الفوتوشوب والرسومات الالكترونية.

وجاءت الأديان السماوية لإضافة بعد جمالي روحي ليتكامل الجمالان الروحي والبدني، ولقد حاول يوسف القرضاوي في كتابه الإسلام والفن أن يجمع بين الجمالين، مع جمال العقل بالمعرفة، وجمال البدن بالرياضة، ضاربا العديد من النماذج، منطلقا من جمالية الكون وجمال القرآن.

تعريف الفن وأنواعه:

جاء في المعجم الوسيط تعريف الفن بعبارة الفَنُّ جملةُ الوسائل التي يستعملها الإِنسان لإِثارة المشاعر والعواطف، وبخاصة عاطفة الجمال، كالتصوير والموسيقى والشعر، وجاء فيه أيضا: الفَنُّ مهارةٌ يَحكُمُها الذوقُ والمواهب، والجمع فنون.

ويعرّف رباب عبد المحسن إمام الفن بقوله: الفن هو لون من ألوان الثقافة الإنسانية، حيث أنّ الفن نتاج بعض الإبداع الذي يكون مصدره الإنسان، كما أنّ الفن يعتبر أداة تعبيرية لدى الإنسان بالأمور الذاتية الخاصة به، ولا يكون تعبيرا عن بعض متطلبات الإنسان في حياته الاعتيادية، كما أنّ معظم الأشخاص يقيمون الفن على أنّه ضروري جداً في الحياة، مثل: ضرورة الماء، والطعام للإنسان أي أنّه مهم جدة لحياة الانسان[7].

ويعرّف محمد قطب ت 2014م الفن بقوله: الفن في أشكاله المختلفة هو محاولة البشر لتصوير الإيقاع الذي يتلقونه في حسهم من حقائق الوجود في صورة مؤثرة جميلة، والفنان شخص موهوب، ذو حساسية خاصة، تستطيع أن تلتقط الإيقاعات الخفية اللطيفة، التي لا تدركها الأجهزة الأخرى في الناس العاديين، وذو قدرة تعبيرية خاصة تستطيع أن تحول هذه الإيقاعات التي يتلقاها حسه إلى لون من الأداء الجميل، يثير في النفس الانفعال، ويحرك فيها حاسة الجمال[8].

ويرى رباب عبد المحسن إمام  أنّ الفنون تنقسم إلى فنون مادية، وفنون غير مادية، أما الفنون المادية هي الفنون التي تكون مثل النحت بالإضافة إلى الزخرفة وصنع الفخار، أمّا الفنون غير المادية هي مثل الموسيقى وغيرها[9].

بينما موقع ويكبيديا يقسم الفنون إلى ثلاثة أقسام:

أولا: الفنون التشكيلية، مثل الرسم والتصوير والخط والهندسة والتصميم وفن العمارة والنحت والفنون التطبيقية والأضواء.

ثانيا: الفن الصوتي، مثل الموسيقا والغناء وعالم السينما والمسرح والشعر والحكايات والتجويد والترتيل.

ثالثا: الفن الحركي، مثل الرقص والسيرك والألعاب السحرية وبعض الرياضات والبهلوان والتهريج ومسرح الميم والدمى[10].

وبعد ما تطرقنا إلى مفهوم الفن وأنواعه، السؤال هنا: ما العلاقة بين الفن والجمال، وأيهما أسبق بالنسبة للإنسان؟!

العلاقة بين الفن والجمال:

اختلف الفلاسفة والمؤرخون في العلاقة بين الفن والجمال من حيث الذاتية والأسبقية، إلا أنهم اتفقوا أنّ العلاقة بينهما علاقة مطابقة.

فبعضهم يرى أنّ الجمال هو جانب فلسفي تنظيري ظهر لاحقا، والفن هو طبيعة إنسانية سابقة له، تجسد الثاني في أشكال فنية تولد منها فلسفة الجمال.

وبعضهم يرى أنّ الجمال طبيعة ذاتية وجدت مع الإنسان، ثم تشكل إلى جوانب فنية متنوعة.

وعلى العموم في نظري أنّ الجمال هو الطبيعة البشرية التي وجدت في أصل الكون، ثم عشقها الإنسان فطرة بشرية فيه من خلال علاقته مع نفسه والكون، فأسقط هذا الجمال في أشكال فنية متعددة، ومع تنوع هذه الأشكال وجدت فلسفة الجمال.

فالجمال كأصل بسيط سابق للفن، والفن نتيجة طبيعية له، ووسيلة في إسقاطه وتقريبه، أما الجمال كفلسفة وعلم فهو متأخر عن الفن.

وبعد هذه المقدمة نأتي إلى موضوع المقال وهو الإسلام والفن، واعتاد المتأخرون في بيان دراسة العلاقة بين الفن والإسلام أن ينطلقوا بداية من بيان العلاقة بين الجمال والإسلام، ومن هؤلاء يوسف القرضاوي كما في كتابه الإسلام والفن، وسبقه محمد عمارة في كتابه الإسلام والفنون الجميلة، وإن كان هناك من تحدث عن الجمال في الإسلام كفلسفة ككتاب فلسفة الفن والجمال في الفكر الإسلامي لعيد يونس، وكتاب فلسفة الجمال أعلامها ومذاهبها لأميرة حلمي مطر، وهناك كتب تخصصت في جوانب معينة من الجمال والفنون في الإسلام ككتاب فلسفة الجمال في الزخارف العربية لمروان العلان مثلا.

الإسلام وفلسفة الجمال:

ينظر  بعضهم إلى فلسفة الجمال في الإسلام بحساسية مبالغ فيها، لأنه يتصور الجمال عريا وسفورا وبعدا عن تعاليم السماء، لذلك كانت النظرة أقرب إلى السلبية في الكثير من الوسائل الجمالية، بجانب قلة الأبحاث الفقهية في الجمال بسبب النظرة السلبية له.

من هنا أسهب محمد عمارة في كتابه الإسلام والفنون الجميلة في بيان أنّ الإسلام في أصله دين جمال وجاء لتمكين هذا الجمال والحفاظ عليه وضبطه بما يتوافق وفطرة الإنسان.

فهو يذكر في الفصل الأول من كتابه أنّ هناك ممن يجعل خصومة بين الإسلام والجمال، ويظهر ذلك من خلال السلوك المتجهم إزاء آيات الجمال والفنون والإبداعات الجمالية في هذه الحياة[11].

وعليه حاول نقض هذه الفكرة من داخل النص الديني الإسلامي ذاته، فالآيات القرآنية تنطلق بالإنسان بداية إلى جمال الكون، مثل قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[12]، والإنسان أمر بالنظر فيها والتمتع جماليا بها[13].

وبين عمارة أنّ الله تعالى استخدم في بعض الآيات حتى عبارات الجمال نحو قوله تعالى: وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ[14]، فلفظة الزينة هي لفظة جمال[15].

والقرآن الكريم أمر المسلم بالتزين والجمال وفي الوقت نفسه أنكر فيمن شدد وحرم ذلك على نفسه، أمّا الأول فيظهر من خلال قوله تعالى: يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[16]، وأتبعها مباشرة بقوله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ[17].

ثم عرّج عمارة إلى نماذج عملية للجمال النبوي من تسريحه صلى الله عليه وسلّم لشعره وتزينه وتعطره، وظهوره الجمالي في لباس وحسن هيئته، واختياره لأصحابه الاسم الحسن، وكان يحب الجميل من الطعام، بلا تقتير ولا إسراف، وحبه للصوت الحسن، وتحببه إلى خدمه وحسن معشره، وعدم إنكاره على الناس في لهوهم في أعيادهم، أي ما يسمى اليوم بالفنون الشعبية[18].

عموما يصعب في هذه العجالة ذكر العديد من الأمثلة إلا أنه يمكن خلاصة ذلك أنّ فلسفة الجمال كامنة في القرآن حتى في نسقه الجمالي، ومقاماته الموسيقية، وإعجازه الجمالي في الروح وعلم الاجتماع والاقتصاد والقيم الكبرى التي تجلى بها.

وقد جمع القرآن بين الجمالين المادي والقلبي، فكما أنّ هناك جمال المادة المتمثلة في الصورة الحسنة هناك جمال الروح والقلب المتمثل في التواضع والتسامح والتعارف والحب للإنسان وعدم الكبر والظلم، مع العدل والقسط، حتى مع المخالف، يقول سبحانه: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[19]، والبر والقسط أعلى درجات الجمال الاجتماعي.

والقرآن يؤكد على ذلك مع الناس جميعا في صورة جمالية لا تقتصر على جمالية حسن الاصطفاف في المسجد، وفنية النقوش وعمارة البيوت والصوامع، بل ينطلق إلى جمالية الفن الاجتماعي مع جميع شرائح المجتمع، كما يتجسد من قوله تعالى:  لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ[20].

وبعد ما تطرقنا إلى العلاقة بين الجمال والإسلام، نأتي إلى العلاقة بين الفن والإسلام.

الفن والإسلام:

الفن كما أسلفنا نتيجة طبيعية وتقليد بشري لجمال الوجود، نقشا أو صوتا أو خطا أو ما شابه ذلك، وعليه سيرتبط هنا بغريزة الإنسان، ويرى محمود شلتوت ت 1962م أنّ الله تعالى خلق الإنسان بغريزة يميل بها إلى المستلذات والطيبات التي يجد بها أثرا طيبا في نفسه، به يهدأ، وبه يرتاح، وبه ينشط، وبه تسكن جوارحه، فتراه ينشرح صدره بالمناظر الجميلة، كالخضرة المنسقة، والماء الصافي، والوجه الحسن الذي تنبسط أساريره.

ينشرح صدره بالروائح الزكية التي تحدث خفة في الجسم والروح، وينشرح صدره بلمس النعومة التي لا خشونة فيها، وينشرح صدره بلذة المعرفة في الكشف عن مجهول مخبوء، وتراه بعد هذا مطبوعا على غريزة الحب لمشتهيات الحياة وزينتها من النساء والبنين، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة من الأنعام والحرث[21].

لذلك نجد شلتوت يبين بعد هذا أنّ الإسلام لا يمكن بعد بيان خلق الله تعالى لهذه الغرائز أن يأتي لكبتها بأي شكل من أشكال الكبت، وإنما جاء موقف الضبط والتنظيم، لا موقف الإماتة حقها[22].

وضرب لهذا فن السماع، حيث بين أنّ الإنسان إذا مال إلى سماع الصوت الحسن، أو النغم المستلذ من حيوان أو إنسان، أو آلة كيفما كانت، أو مال إلى تعلم شيء من ذلك، فقد أدى للعاطفة حقها، وإذا ما وقف بها مع هذا الحد الذي لا يصرفه عن الواجبات الدينية، أو الأخلاق الكريمة، أو المكانة التي تتفق ومركزه، كان بذلك منظما لغريزته، سائرا بها في الطريق السوي، وكان مرضيا عند الله وعند الناس[23].

وما قاله شلتوت يوافقه عليه أيضا محمد الغزالي ت 1996م حيث يقول: الأمة بحاجة إلى الكثير من الجد، والقليل من اللهو، ولو رزقنا بفنانين ذوي شرف ومقدرة، لأمكن تحويل الفنون إلى عوامل البناء لا الهدم، ولإثارة المشاعر النبيلة لا إهاجة الغرائز الدنيا[24].

وما قاله الغزالي عبر عنه محمد حسن فضل الله ت 2010م بالفن الذي يرتفع بالروح، ويسمو بالنفس، ويهدئ الأعصاب، ويريح النفس، فيحل من جهة النتائج الإيجابية في المستوى النفسي والأخلاقي والروحي، مع المضمون المنفتح على ما يرفع للإنسان مستواه في مواقع الصفاء، والسمو والنقاء[25].

الخلاصة:

نخلص مما تقدّم أن الإسلام دين جمال، والشريعة جاءت لغرس هذا الجمال، من خلال تنظيم فنون الجمال بما يتوافق وفطرة الإنسان، ويسمو بها، ليرتفع بالذات البشرية إلى البناء واستعمار الحياة صلاحا وإصلاحا، فهو ليس ضد الفنون، بل يضبط الفنون لتسير في طريقها الصحيح.

مجلّة الثّقافيّة 1436هـ/ 2016م


[1] النحل/ 5- 6.

[2] فاطر/ 1.

[3] ينظر مثلا: الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، ط دار الفكر لبنان/ بيروت، الطبعة الثالثة، ج 7، ص 4، وقد ذكره عن ابن عباس، وأبي هريرة، وينظر أيضا: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، دار الفكر لبنان/ بيروت، ج 14، ص 320، وذكره عن ابن جريج.

[4] موقع فيدو على الشبكة العالمية، الرابط:

http://www.feedo.net/QualityOfLife/QualityOfLifeBasics/Aesthetics.htm، الزيارة: 28 شعبان 1437هـ، 6 مايو 2016م، وقت الزيارة: الساعة الخامسة مساء(بتصرف).

[5] فلسفة الجمال أعلامها ومذاهبها، أميرة حلمي مطر، دار قباء للنشر والتوزيع، مصر/ القاهرة، ط 1998م، ص11.

[6] الأعراف/ 31.

[7] مذكرة في تعريف الفن والإبداع، رباب عبد المحسن، وزارة التربية والتعليم، جمهورية مصر العربية، مخطوط.

[8] الشريعة الإسلامية والفنون، أحمد مصطفى علي القضاة، الطبعة الأولى 1408هـ/ 1987م، دار الجيل، لبنان/ بيروت، ص 19.

[9] مذكرة في تعريف الفن والإبداع، مصدر سابق بتصرف.

[10] موقع ويكبيديا، https://ar.wikipedia.org، تاريخ الزيارة: 1 شعبان 1437هـ، 8 مايو 2016م، وقت الزيارة: الساعة السادسة والنصف صباحا.

[11] الإسلام والفنون الجميلة، محمد عمارة، الطبعة الأولى 1411هـ/ 1991م، ط دار الشروق، مصر/ القاهرة، ص 13

[12] الأنعام/ 99.

[13]  الإسلام والفنون الجميلة، مصدر سابق، ص 18 بتصرف.

[14] الحجر/ 16.

[15] الإسلام والفنون الجميلة، مصدر سابق، ص 18.

[16] الأعراف/ 31.

[17] الأعراف/ 32.

[18] للمزيد ينظر الإسلام والفنون الجميلة، مصدر سابق، ص 22 وما بعدها.

[19] الممتحنة/ 8.

[20] البقرة/ 177.

[21] فتوى محمود شلتوت، ط 17/ 1991م، طبعة دار الشروق، مصر/ القاهرة، ص 410.

[22] المصدر نفسه ص 411.

[23] المصدر نفسه، ص 412.

[24] للمزيد ينظر: السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث، محمد الغزالي، ط 13، دار الشروق، مصر/ القاهرة، ص 72 وما بعدها.

[25] المسائل الفقهية، محمد حسن فضل الله، ط دار الملاك لبنان/ بيروت، الطبعة التاسعة 1422هـ/ 2001م، ج2، ص 340 وما بعدها.

السابق
لسانيات آيات الصيام في القرآن
التالي
الإشكالات العقليّة حول رواية تخفيف الصّلوات في المعراج
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً