المقالات النقدية

البنوك الإسلامية ومسمى الإسلام

نشرت بالأسفل تغريدة سريعة لزيارتي ميثاق الصيرفة الإسلامية التابع لبنك مسقط، وجاءت ردود مختلفة يصعب الرد عليها جميعا قبل أن نحدد قاعدة النقاش؛ ليضيق الخلاف، ويفهم المراد، ويتسع الوفاق.

وإن كنتُ شخصيا لا أحب الحديث في هذا الجانب لأسباب ذكرتها في مقال سلف أحاول أعادة نشره ثانية.

المهم من التغريدة هو مسمى الإسلام، فاليوم نسمع عن الغناء الإسلامي، والثوب الإسلامي، والمصرف الإسلامي، والشريط الإسلامي، إلى آخره، فهل هذه التسمية صحيحة؟!!!

بداية النسبة إلى الإسلام نسبة إلى دين رباني، والدين نسبة إلى الله تعالى حيث حدود دينه كنسبة مغلقة، والنسبة إليه أمر ليس هينا، وعليه ما يحدث من اجتهاد بشري يبقى تشريعا بشريا، ولا ينسب إلى الله، لأنّ هذا الاجتهاد والتشريع يتكون فيه أمران التصحيح والتطوير، فقد يراه البعض خطأ يتبين لهم صوابه لاحقا، أو يتبين عند قوم صحته، وعند آخرين خلافه، وكما أنّ هذا قابل للتصحيح فكذلك هو قابل للتطوير.

مثال الأول غطاء الوجه عند المرأة يراه أناس واجبا فيما يراه آخرون بدعة وزيادة، وأناس بين ذلك، ونسبة هذا إلى الإسلام كدين نسبة اضطراب إلى الحكم فيه، فالحَكَمُ وحده إلى الله، والبشر يجتهدون، ويبقى اجتهادهم تطبيقا للأصول، ولما وصل إليه من أدلة، وعليه لا ينسب إلى الدين كنسبة تخصيص، وإنما يبقى تشريعا بشريا.

ومثال التطوير الشورى، وإن كانت مبدأ إسلاميا؛ إلا أنّ التطبيق وآليته خاضع للزمان والمكان، وعليه التطبيق اجتهاد البشر تحت كليات الإسلام كدين.

والآن لنأتِ إلى المصارف سنجدها كذلك، فهي ذات ثلاث اتجاهات، فريق يرى حرمتها لاعتبار أنها تحايل على الله، وفريق يرى جوازها توسعا، وفريق بين هذين في بعض التطبيقات، والكل له اجتهاده وأدلته، فأين الإسلام من هذا؟

فمثلا أحد مؤسسي البنوك الإسلامية بين في الإعلام لو رجع به الزمان لما وافق على إنشائها، فهل تراجعه تراجع في الإسلام أم في الاجتهاد البشري؟

قد يأتي يوم يضيّق من أفتى فيها بالجواز فهل تراجعه تراجع في الإسلام أم في الاجتهاد؟؟

جميل من الناس أن يختلفوا ويتباينوا، وهذه رحمة من الله، والخلاف من سنن البشر، ولكن لا ينسب إلى الله ودينه، وإنما إلى البشر واجتهاداتهم التشريعية تأدبا مع الله من الافتراء عليه سبحانه وتعالى.

والناس يجتهدون سياسة وفقها واجتماعا وتربية واقتصادا، وهذا يقوي الأمة، وقد فتحت لهم الشريعة ذلك شريطة عدم الافتراء على الله، وهذا لا يخالف الإلزام أمرا ولا نهيا؛ لأن دائرة الإلزام أوسع وهي مرتبطة بالتشريع، ودائرة التشريع أعم، والحذر أن ينسب إلى الله، أو يكذب في تشريعه، فالكل سيان، وعليه الأولى حذف مسمى الإسلامي من هذه المصارف وإبدالها بمسمى آخر، حتى يرتفع اللبس، ولا يسخر بدين الله تعالى، والله ولِي التوفيق.

فيسبوك 1436هـ/ 2015م

السابق
فكرنا الإسلاميّ والقيم الإنسانيّة: النظّريّة والواقع
التالي
الحرب على اليمن درس عربي آخر
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً