المقالات الإجتماعية

المداراة والتّزلف والسّكوت في الحقوق الخدميّة في المؤسّسات الحكوميّة

كثيرا ما نسمع: إذا أردت أن تُمَشِي أمورك بسرعة فعليك بالتزلف والمدارة، وما عليك، ولا تصدع رأسك في النصح والتوجيه …

قبل أن أناقش هذه الفكرة …. لنتأمل هذه المقدمة وإن كانت بعيدة زمنا …

لو أنّ أجدادنا داروا الإنجليز في استعمارهم، ليحقق العديد منهم وخاصة شيوخ القبائل مآربهم الفانية هل ستكون عمان كاليوم خالصة في الجملة، أم هذا الجيل سيلعن ذاك الجيل لتخاذله …؟!!!

في نظري …. مشكلتنا في المؤسسات الحكومية الخدمية، وخاصة القديمة تأسيسيا أمران:

الأول: عدم وجود رؤية واضحة لكل موظف ومكتب، فبعض الموظفين يعمل إلى العصر، وبعضهم لا يعرف ما يعمل، ولماذا وظف هنا، وبعضهم يمنح عشرات السفرات إلى الخارج مع البدلات، وبعضهم سفرة في الداخل لا يحضا بها فضلا عن الخارج، ولا يدري لماذا، فضلا عن المراجعين يشتتون من مكتب لآخر، ويمر الزمان، وكل واحد كأنه الوزارة أو المؤسسة بذاته …

الثاني: عدم وجود قانون عادل بين الجميع أو على الأقل تطبيق القانون بعدالة بين الكل، حيث يعرف الواحد ما له وما عليه، وتكون المزايا بالعدل، سواء من يعمل منتسبا للوزارة أو كان مراجعا، فمثلا هناك ممن معاملته تمشي بسرعة لأنه يعرف أحدا أو لأنه من أسرة معروفة، وهناك ممن سيعاني للحصول على الأمر متذللا، والقانون واحد!!! وهناك من سيحاسب لأنه تغيب عشرين يوما، وهناك ممن لم ير مكتبه بضع سنين، والثاني يكرم مع هذا بالعلاوات وغيرها !!!

وعليه مع هذه الضبابية يسعى الناس مع سكوتهم للتزلف والخضوع حتى في رسائلهم مع أنّ هذه حقوقهم، والمأساة تزيد …

والسؤال هنا: ما النتيجة؟!!!!!!!!!!!!

النتيجة أنّ الأجيال القادمة لن تثني علينا لأننا أوجدنا لها الأرضية العادلة بل ربما ستلعنا لأننا برضانا ومداراتنا سنزيد السوء سوءا، والضبابية رمادا واسودادا ….

المدارة في حدود الابتسامة والقدر الإنساني نعم، أما لدرجة الرضا بغياب القانون العادل، وعدم الرؤية الواضحة، والتمييز الشنيع، وتضييع الأوقات لتأجيل المعاملات فهذا لا ينفع الوطن ولا المؤسسات …

والحل لابد من علاج جذري ينطلق من أمرين: القانون العادل مع الرؤية الواضحة لكل موظف، والعدل الخدمي للموظفين والمراجعين، والتعامل على أساس الكفاءة، ويكرم المثابر، ويحاكم المقصر كان مستشارا أو فراشا.

بهذا نبني أرضية صالحة للجيل القادم ليواصل المسيرة، لأننا لا نبني ليكون لنا بيتا واسعا وسيارة فخمة بقدر ما نبني وطنا يرقى حضاريا اليوم وغدا، ونفخر بعدله داخلا وخارجا، ولن يحصل هذا إلا بأمرين: قانون وعدل …

فيسبوك 1436هـ/ 2015م

السابق
الرواية عند الإباضية وقاعدتي العرض على القرآن وعمل المسلمين: مدونة أبي غانم الخراساني أنموذجا
التالي
المناهج الدّراسيّة ودورها في تعزيز الهويّة والانتماء الوطنيّ
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً