المقالات التأريخية

رسالة الإمام محمد بن عبد الله الخليلي إلى الملك عبد العزيز آل سعود ولابنه الملك سعود

رسالة الإمام محمد بن عبد الله الخليلي إمام عمان ت 1373هـ إلى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ملك المملكة العربية السعودية ومؤسس الدولة السّعودية الثّالثة، ت 1953م، لقرب فريضة الحج مذكرا له بنعمة الحج واستغلالها في توحيد المسلمين، لأنّ دين الإسلام واحد، ودعوته واحدة بين الجميع، بلا تفريق بين المسلمين، يقول في رسالته:

بسم الله الرّحمن الرّحيم، من إمام المسلمين محمد بن عبد الله، إلى الملك المعظّم المحترم عبد العزيز بن عبد الرحمن، سلام عليكم ورحمة الله، وبعد،،،

فإنّي أحمد الله الكبير المتعال، وأصلي وأسلّم على النّبي المصطفى والآل،،،

ثمّ إنّه لما من الله بأمن السّبل، وجعل الواسطة في ذلك الملك المحترم عبد العزيز، فلله الحمد أولا وآخرا، وباطنا وظاهرا …

ثمّ إنّه يجب على المسلمين شكر الملك، وأن يغتنموا الفّرصة لأداء فريضة الحج، وأن يدعو الله بتأييد الدّين، وجمع شمل المسلمين، واتحاد كلمتهم، وأن يصلح الرّعاة والرّعية، وأن يطيل عمر الملك، ويجعله جامعا لنظام الإسلام، فدين الإسلام واحد، ودعوتهم واحدة …

وهؤلاء الحجاج هم وفد الله عزّوجل، دعاهم إليبه فاستجابوا، ونسأل الملك أن يجعل لهم الاحترام التّام كما هي أخلاقه السّامية، وإنّما قلنا ذلك لندخل تحت قوله صلّى الله عليه وسلّم: الدّال على الخير كفاعله، والله حسبنا ونعم الوكيل، ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا ملجأ من الله إلا إليه…

حرر يوم 10 شوال سنة 1369هـ.

المصدر: الفتح الجليل من أجوبة أبي خليل، ترتيب: الشيخ سالم بن حمد الحارثي، طبع بإشراف عز الدين التنوخي، ط المطبعة العمومية بدمشق 1385هـ/ 1965م، ص 42.

ورسالة الإمام محمد بن عبد الله الخليلي إمام عمان ت 1373هـ إلى الملك سعود بن عبد العزيز الفيصل آل سعود ت 1964م مذكرا إياه وجوب توحيد كلمة المسلمين، وإماتة الانتساب إلى المذاهب والتعصب لها لأنّ التفرق والتعصب للمذهب يزيل مجد الأمة ويضعف العدو …

يقول في رسالته:

بسم الله الرّحمن الرّحيم، من إمام المسلمين محمد بن عبد الله الخليلي، إلى جلالة الملك المعظّم سعود بن عبد العزيز الفيصل آل سعود، سلام عليكم ورحمة الله المحترم، حفظه الله، سلام عليك، ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الشيخ مشعان بن ناصر زار بلادنا بعد زيارته الأولى الّتي عقدت بيننا وبينه روابط الصّداقة والمحبة، وتوثقت عرى الصّداقة بينه وبين علماء البلاد، حتى أحلوه بالمكان اللائق بأمثاله، وقد ذكر لنا مودة حكومة جلالتكم وعطفكم على رعايانا ….

 إلى أن قال: فيا صاحب الجلالة، قد استخلفكم الله في بلاده، فنرغب إليه سبحانه أن يجعلكم من الّذين وصفهم في قوله: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ …

ومن الأمر بالمعروف السعي في توحيد كلمة المسلمين، وفي إماتة الانتساب إلى المذاهب، وإظهار التعصب لها، اللذين قضيا على الإسلام، وتسلط على أبنائه عبدة الأصنام الأجانب ألكالب، وإنّ لزوم ما كان عليه السلف الصالح، والسير بالمسلمين سيرهم هو الذي يعيد علينا عزنا الشامخ، ومجدنا الباذخ، هذا والسلام عليكم، وعلى من يعز لديكم، محررا في 23 جمادى الأولى سنة 1373هـ.

المصدر: الفتح الجليل من أجوبة أبي خليل، ترتيب: الشيخ سالم بن حمد الحارثي، طبع بإشراف عز الدين التنوخي، ط المطبعة العمومية بدمشق 1385هـ/ 1965م، ص 44 – 45.

الشّاهد من الرّسالتين للإمام محمد بن عبد الله الخليلي المشار إليهما في الأسفل، والأولى للملك عبد العزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة، والثانية لابنه الملك سعود …

الشاهد هو تسجيل التاريخ في حب العمانيين للتعايش والتفاهم وتوحيد كلمة المسلمين، وجعلها فوق رغبات الدول، واعتقادات المذاهب…

وهذا ليس وليد اليوم؛ بل هو متعلغل في التأريخ العماني، ونماذجه كثير جلّ أن تحصى، وإذا كان البعض منا يستشهد بنصوص المستشرقين، فهذه نصوص بين أيدينا وفي تراثنا ومما يسمى بالدولة الدينية !!!

وإذا كان هنا هفوات فهناك أيضا العديد من الإشراقات الجملية التي ينبغي أن لا تغيب عن هذا الجيل والأجيال القادمة ….

هذا هو الشاهد الّذي ينبغي أن نعطيه اهتماما، لا التّركيز حول الصراع التاريخي الذي يُختزل في سطور، وكأنه هو تاريخ عمان، ويغيب عنا التاريخ الحضاري والإشراقي لعمان، والذي هو أكبر بكثير جدا من هذا الصراع !!!

فقاموس الشّريعة مثلا، هذا السّفر الضّخم، وهو للعلامة جميل بن خميس السّعدي ت 1279هـ / 1862م والّذي هو في اثنين وتسعين مجلدا، وقد قام بتحقيقه بعض الأخوة ولهم كامل الشكر مقدما، وينتظر الجميع خروجه …

هذا السّفر لا ينبغي أن يكون رهين الدّراسات الشرعية، والمكتبات الفقهية، بل هو ترقين حضاري، وشاهد تأريخي، لحضارة أمة في عصور متعددة …

فهو لا يقتصر على الدراسات الفقهية، بل عالم الاجتماع بحاجة إليه لأنه يضم نماذج عملية له، وعالم السياسة كذلك، وعالم الاقتصاد بما فيه من نماذج رائعة في الشركات والبيوع ونظام الزكاة والخراج والأوقاف وغيرها، وكذا الحال فيما يتعلق بعالم الأراضين والطرق وآدابها وحرماتها وحدودها، وعالم القانون والقضاء، والمختصون في علم الأسرة والتربية وغيرها، وفيه جوانب أدبية وفكرية رائعة؛ لأنه كان تدوينا عمليا، وليس تنظيريا، لعشرات من السنين جمعها المؤلف رحمه الله في السفر الكبير…

وإن كنت أرجو من أبحاث معهد العلوم الشرعية أن تركز على هذه الجوانب الفكرية والحضارية والأممية والمقاصدية، وتقوم بتقعيدها وإنزالها وفق الخطاب المعاصر، وتقديمها بعد ذلك للمجتمع والقارئ عموما، وتدعم هذه الأبحاث ماليا ومعنويا، بدل الأبحاث المركزة على جوانب خلافيه بعضها تجاوزها الزّمن …

فيسبوك 1436هـ/ 2017م

السابق
دين الله ودين البشر!!!
التالي
لماذا لا تدرسونهم غاية المراد في علم الاعتقاد؟!!!
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً