جاء في العهد القديم (التوراة) سفر الخروج الإصحاح السابع آية (1): [فقال الرّبُ لموسى: انظر! إنّا جعلناك إلهاً لفرعون، وهارون أخوك يكون نبيك …].
وقد اتفق شراح التوراة ومفسري اللاهوت أنّ لفظة (إلهاً لفرعون) أي مجازا بمعنى النيابة، يقول الفيلسوف اليهودي اسبينوزا ت: 1677م ناقلا خلاصة كلام الشراح: لما كان هارون بتفسيره كلام موسى لفرعون يقوم بدور النّبي؛ تكون أنت يا موسى كإله فرعون أي من يقوم بدور الله [أي في التبليغ].
ولم يقل أحدٌ من اليهود ادعى أنّ موسى هو إله، وقد اتفق على هذا اليهود والنّصارى، المأولة منهم والحرفيون، إلا فئة انقرضت كما يرُوى ممن ادعى ألوهية موسى.
والشّاهد الذي أريد أن أرمي إليه من هذا أنّ لفظة إله أشدّ من لفظة الأب والرب، فالأب كما في اللغات القديمة تأتي بمعى الرب الخالق، والابن بمعنى العبد الطائع، فالله هو الأب لاعتباره الخالق الموجد المعبود، والابن أي بالنسبة لعيسى عليه السلام باعتباره عبدا طائعا لله تعالى، وليس باعتباره ابنا حقيقيا لله تعالى – تعالى الله عن ذلك -، فالإنجيل نفسه يبطل هذه النظرية كما في نصوص كثيرة في الأناجيل الأربعة القانونية تصريحا أو تلميحا، ولعلنا نورد شواهد من ذلك في حلقات أخرى بعون الله تعالى.
وكذا بالنسبة للرب، وفي القرآن: اذكرني عند ربك، أي سيدك، فالرب تأتي بمعنى السيد، وعيسى كان نبيا لليهود وسيدا لهم أي ربا، وهذا مستساغ عند جميع اللغات بما فيها لغة عيسى عليه السلام وهي الآرامية، أو اللغة التي كتب بها الإنجيل وهي اليونانية، لأن الإنجيل كتب متأخرا فأول الأناجيل المنسوب لمتى، ومتى من الحواريين، والمشهور بالعشار، ومع ذلك نسبة الإنجيل إليه نسبة ظنية غير مؤكدة، وقد يكون شخصا آخر يحمل نفس اسمه.
الخلاصة جميع أنبياء الله بشر، ولم يقل أحد منهم أنه إله أو ابن إله، وما جاء في الكتب السماوية من آيات متشابهة؛ ترجع إلى الآيات المحكمة، ولعلنا في حلقات سنذكر نماذج من هذه الآيات كما أسلفنا بإذن الله تعالى حسب الوقت المتاح.
فيسبوك 1436هـ/ 2015م