المقالات التأريخية

في الذكرى الثالثة والثلاثين لاستشهاد الفيلسوف العراقي محمد باقر الصدر وأخته الأديبة أم الهدى

في يوم 9/4/2013م تعود الذكرى الثالثة والثلاثين لاستشهاد رجل عظيم فارقته الساحة الإسلامية والعلمية والفلسفية ليلا 9/4/1980م، وقد خيّم الليل يومها بظلمتين، ظلمة الليل الكالحة، وظلمة انطفاء نجم مشرق بالعلوم الفلسفية والعرفانية ردحا من الزمن، والذي كان بعقله وخلقه وعظيم تفكيره يمثل الاتجاه العقلاني الفلسفي ضدّ موجة الإلحاد والتي عمّت العالم حينها، وعليه سخّر قلمه للدفاع عن التوحيد، فكان كتاب فلسفتنا كأعظم كتاب فلسفي يمثل الوجهة التوحيدية في نهاية القرن العشرين الميلادي.

كما كان هناك صراع فلسفي في ماهية وجود الله تعالى، كان هناك أيضا كنيجة حتمية للرأسمالية والاشتراكية وعليه كان الصراع الاقتصادي وعليه تصدّى باقر الصدر لتقديم الرؤية الإسلامية من خلال كتابيه القيمين، واللذين يعتبران مصدرا من مصادر الاقتصاد الإسلامي، وهما كتاب أقتصادنا، وكتاب البنك اللاربوي.

كما كان لباقر الصدر وأخته أم الهدى الدور البارز في المجال الاجتماعي والأخلاقي، وعليه كان في نيته أن يكتب كتابا في هذا إلا أنّ تلامذته جمعوا محاضراته في كتاب سموه مجتمعنا.

[في مساء يوم 9 إبريل 1980م تم إعدامه مع أخته بنت الهدى بالرصاص بأمر من الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وفي اليوم التاسع من نفس الشهر بحدود الساعة التاسعة ليلاً قطعت السلطة التيار الكهربائي عن مدينة النجف الأشرف، وفي ظلام الليل الدامس تسللت مجموعة من قوات الأمن إلى بيت محمد صادق الصدر، وطلبوا منه الحضور إلى بناية محافظة النجف، وكان بانتظاره مدير أمن النجف فقال له: هذه جنازة الصدر وأخته وقد تم إعدامهما، وطلب منه أن يذهب معهم للدفن، وبعد أن طلب محمد صادق الصدر أن يرى جثتيهما شاهد محمد باقر الصدر مضرجاً بدمه وآثار التعذيب على كل مكان من وجهه، وكذلك أخته بنت الهدى] ويكبيديا.

هذه الذكرى الأليمة والتي تُضَمُّ في كتاب ذكريات هذه الأمة المؤلمة والقارصة في الوقت ذاته، حيث تغيب القيم عندما يسود الاستبداد، وتُحفظ الكراسي، وتغيب قيم الإنسان وكرامته، ولا يصبح للعلم حينها قيمة ولا كرامة، ولا للدم تقديس ولا أهمية.

إننا نشارك كل من احتفى بتأبين هذه الذكرى الموجعة، خاصة وأنّ الشهيد الصدر لم يمت فكرا وإن مات جسدا، فهو حي بفكره، قائم بنظرياته وفلسفته بيننا …

ومن أجمل ما قيل فيه بعد وفاته، هذه الأبيات والتي غنتها الفرق بألحان جميلة، تبعث في النفس هدوءً وسكينة، وللعلا حبا وعشقا، حيث قيل فيه:

باقر الصدر منا سلاما أي باغ سقاك الحماما

أنت أيقظتنا كيف تغفو أنت أقسمت أن لن تناما

كيف تنئى بعيدا و لما يبلغ المؤمنون المراما

غبت عنا سريعا ولما يطرد الثائرون الظلاما

قد فقدناك زعيما لا يجارى فبكيناك دمًا دمعا حجاما

يا شهيدا قام فردا يمتضي للطغاة حساما

أنت كالسبط حسين قد أبيت الحياة مظاما

يا أبا جعفر سوف تبقى مشعلا هاديا يتساما

كذب البعث ما زلت فينا كالخميني تهدي الأناما

نحن أقسمنا يمينا أن نضحي أو نرى الإسلام شرعا و نظاما

دعوة قدتها قد تسامت ثورة هدفا و التزاما

و شبابا دعوت فهبوا يرخصون الدماء كراما

و سـبيلاً سلكت أنير للضحايا و طابت مقاما

و مفاهيم صغت و فكرا هام فيه الدعاة هياما

قد فديت الدين بالمهجة لما حاول البعث من الدين انتقاما

إن دينا شيدته أمة بالدما يتساما

يهزم الكفر و يبقى يملأ العالمين سلاما

يا أبا جعفر نم قرير العين إنا هجرنا المناما

قد عشقنا الشهادة ذودًا عن حمى الدين حتى يقاما

نحن أقسمنا يمينًا أن نضحي أو نرى الاسلام شرعا و نظاما

باقر الصدر منا سلاما أي باغ سقاك الحماما

أنت أيقظتنا كيف تغفو أنت أقسمت أن لن تناما

رحم الله الشهيدين باقر الصدر وأخته أم الهدى، وخلّد أرواحهما في الجنان.

فيسبوك 1434هـ/ 2013م

السابق
رشاد خليفة ت (1990م) والعقلانيون
التالي
في سبيل إصلاح المؤسسة الدينية
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً