المقالات التأريخية

من يملك التّأريخ العمانيّ؟

أعلن النادي الثقافي عن رغبته اليوم في إقامة ندوة التاريخ العُماني قراءات وتطلعات في النادي الثقافي، وهي خطوة رائعة في الخروج من الندوات الوصفية والاحتفائية للتأريخ إلى القراءة التفكيكية والنقدية، وهذا شيء رائع، إلا أننا نفاجأ بمطالبة بعضهم بغلقها، وهذا لكون المجتمع لم يتعود على القراءات النقدية ونقد التراث وتفكيكه!!!

التأريخ العماني جزء من التأريخ الإنساني ككل، والتأريخ له جانبان مهمان: الجانب الأول جانب نسبة، والجانب الثاني جانب معرفة!!!

أما كونه كجانب نسبة فهذا لا يصح التلاعب به أو تحريفه، بخيره وشره، فهو ملك لجماعة معينة، لا يسرق وينسب إلى جماعة وأمة أخرى، ويدخل فيه ما في التراث والتأريخ من أحداث ونتاج.

أما كجانب معرفة فهو ملك للجميع، ولا ينحصر في جماعة وأمة معينة، فالتأريخ المصري مثلا في عهد الملكية من حقي كعماني دراسته وتفكيكه ونقده، ولو كنت مختلفا عنهم وطنا وجنسا ومذهبا، بل ولو كنت مختلفا عنهم دينا ولغة كقراءات المستشرقين مثلا!!!

فنحن في عمان – للأسف – متأخرون جدا في الدراسات التفكيكية للتأريخ والتراث، مما ولد في أذهاننا نظرة شبه مقدسة وملائكية للماضي، حتى للماضي القريب!!

ويعم هذا الأمر الدراسات الأكاديمية والبحوث العلمية والكتابات المعرفية والمسابقات الثقافية والندوات والمقالات الصحفية فهي فقيرة في هذا الجانب، حيث يعتبر بعضهم النقد شبه كفر وإساءة إلى رموز التأريخ، بينما هي في الحقيقة حالة صحية ضرب الله بها مثلا عندما تحدث عن تأريخ بني إسرائيل!!

فمثلا النادي الأدبي قام بندوات عديدة لبعض الرموز العمانية، وأصدر كتبا لأبحاث الندوات، ولكن عندما نتأمل هذه الأبحاث نجدها لا تتجاوز القراءة الوصفية والاحتفائية لهذا الرمز أو الشخصية العلمية أو السياسية!!!

فخلو المجتمع لهذه القراءات يولد ركودا في الفكر، وجمودا في التأريخ، لأن التأريخ كما يحافظ عليه بالأمانة العلمية والحفظ المادي والمعنوي، هو أيضا يحافظ عليه بالتفكيك والنقد والقراءات العلمية والنقدية!!!

وعليه نخلص ما يقوم به النادي الثقافي خطوة رائعة وجيدة، وانطلاقة حميدة في القراءات الداخلية للنص التأريخي.

ولا يوجد في هذا إساءة أبدا لرمز أو تأريخ، وما سيقدمه الباحثون يبقى معرفة، والمعرفة تواجه أيضا بالنقد لا بالمطالبة بالإغلاق، والاتهام بالإساءة!!

ينبغي أن نتجاوز اليوم الخوف من نقد الذات والماضي، وأن نفتح عقولنا للباحثين والناقدين، وأن نشجع في بناء بيئة ناقدة، ذات قاعدة معرفية، لأنّ المستفيد من هذا التأريخ العماني ذاته قبل حاضره ومستقبله.

وأخيرا التأريخ العماني ليس هشا ليسقط من ندوة أو قراءة أو بحث، بل هو في الحقيقة يموت بالجمود، ويحيا بالمعرفة والقراءة والنقد والتقويم.

فيسبوك 1439هـ/ 2017م

السابق
من يتحمل فواتير الماء والكهرباء في المساجد؟!!
التالي
ندوة الدّور العماني في شرق آسيا والهند
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً