البحوث

الثّقافة العربيّة والحراك الاجتماعيّ

مقدمة

في منتصف الخمسينات أخرج عالم الاجتماع البريطانيّ تشالرز دافي كتابه مشكلات الشّباب، مبينا أثر الإعلام على الحراك المجتمعيّ في المجتمع البريطانيّ[1].

فكان للإعلام أبحاثه في العالم العربيّ، وبعدها كان التّركيز على العولمة والغزو الثّقافيّ، وما حدث من دراسات نحو الاستشراق والتّغريب والتّجديد، ثمّ عملية النّقد والحداثة، وشيوع مصطلح الثّقافة والمثقف كمصطلح قيم عليا بين السّلطة السّياسيّة، والسّلطة الدّينيّة والاجتماعيّة.

وبما أنّ الجانبين العولميّ أو الكوكبيّ، وجانب الغزو الإعلاميّ الغربيّ والهيمنة الثّقافيّة أشبعت حديثا في مسألة الحراك المجتمعيّ من خلال الثّقافة، لذا رأيت أن أركز الحديث في هذا الجانب حول:

  • الثّقافة والمشهد السّياسيّ والتّفرق القوميّ في العالم العربيّ.
  • الثّقافة والتّطرف الدّينيّ والحروب الطّائفيّة.
  • الثّقافة والجانب الفنيّ والجماليّ.
  • الثّقافة والوضع الاقتصاديّ والواقع الاجتماعيّ المترديّ.

لما لهذه الجوانب الأربعة من دور في التّأثير على الجانب المجتمعيّ وحراكه سلبا أم إيجابا، فكان لابدّ للثّقافة من حضور لتقويم الوضع، والرّقي بالإنسان العربيّ وحريته وحقوقه الإنسانيّة وتقدمه، راجيا أن أكون وفقت في ذلك، معتمدا على المصادر العربيّة لعلاقتها بالموضوع، ولتكون القراءة عربيّة بحتة في الجملة.

المبحث الأول: تحديد المفاهيم

تعتبر الثّقافة خيطا مشتركا بين المجتمع الإنسانيّ، فهي الخيط المرتبط بذات الإنسان كعقل مفكر، وجسد متأثر بما حوله في الطّبيعة والكون وأخيه الإنسان، وبما ورثه من حضارة وفكر وتراث، وبما وصل إليه من معرفة واختراع وإنتاج.

هذا الخيط الإنسانيّ تتشكل به الحضارة الإنسانيّة المتعددة في طقوسها ومعارفها، والمتنوعة في نتاجها وآثارها، وعليه تتشكل ثقافات تحت الثّقافة الأم للإنسان، وحضارات تندرج تحت حضارة الإنسان، والّذي يهمنا هنا هو مبحث الثّقافة العربيّة الّتي هي جزء من الثّقافة الإنسانيّة.

وبحثنا هذا يرتبط بجزأين من حيث ماهيته وحدّه: الأول ماهية الثّقافة، والثّاني ماهية الحراك الاجتماعيّ.

أولا: ماهية الثّقافة.

الثّقافة من ثقَّف التِّلميذَ: أدَّبه وربّاه، وعلّمه ودرَّبه وهذَّبه[2]، والثّقافة هي الحذق والفطنة والخفة[3]، وهي أيضا التّسوية والتّهذيب والتّأديب[4]، ففي مختار الصحاح: ثَقُفَ الرّجل من باب ظرف صار حاذقا خفيفا، فهو ثَقْفٌ مثل ضَخُم فهو ضَخْم، ومنه المُثَاقَفةُ، وثَقِفَ كعضد والثِّقَافُ ما تسوى به الرّماح، وتثقيفُها تسويتها، وثَقِفَهُ من باب فهم صادفه[5].

وجاء مشتق ثقف في القرآن الكريم في خمسة مواضع[6] بمعنى الظّفر ، ومنه قوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}[7] أي تظفر بهم[8].

ويعرّف ندين لإدوارد تايلور ت 1917م الثّقافة بأنّها: الكلّ المركب الّذي يشمل المعرفة والمعتقدات والفنّ والأخلاق والقانون والأعراف والقدرات والعادات الأخرى الّتي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع[9].

ويعتبر تايلور أول من وضع مصطلحا وصفيا للثّقافة، ونلحظ من هذا التّعريف شموليته، وارتباط الإنسان بالمجتمع أو البيئة الّتي ولد فيها.

ويعرّف تركي الحمد الثّقافة بمعايير العقل والسّلوك، والّتي تحدد معنى الحياة، حيث لا معنى لها بدون هذه المعايير، ورموز تحدد غايات الحياة، الّتي لا غاية لها بدون تلك الّرموز، بمعنى أنّ الثّقافة هي إجابة لسؤال الفرد والجماعة عن كيف ولماذا وإلى أين، أي الغاية من الوجود[10].

ونجد تعريف تركي الحمد أقرب إلى الجانب الفلسفيّ الّذي يسقط الدّهشة على الإنسان، فيسقط العديد من التّساؤلات ليبحث عنها، ويحاول إيجاد أجوبة عليها.

ويعرّفها محمد فيضي بمجموع العقائد والقيم والقواعد الّتي يقبلها ويمتثل لها أفراد المجتمع، ذلك لأنّ الثّقافة هي قوة وسلطة موجهة لسلوك المجتمع، تحدد لأفراده تصوراتهم عن أنفسهم والعالم من حولهم، وتحدد لهم ما يحبون ويكرهون ويرغبون فيه، ويرغبون عنه، كنوع الطعام الّذي يأكلون، ونوع الملابس الّتي يرتدون، والطّريقة الّتي يتكلمون بها، والألعاب الرّياضيّة الّتي يمارسونها، والأبطال التّاريخيين الّذين خلّدوا في ضمائرهم، والرموز الّتي يتخذونها للإفصاح عن مكنونات أنفسهم ونحو ذلك[11].

نخلص من هذا أنّ الثقافة لها بعدان، بعد ذاتي مرتبط بذات الإنسان، كمشتركات يشترك عليها الجنس البشريّ، وبعد قومي أو حضاري مرتبط بقوميّة وحضارة الإنسان على مر التّأريخ، وباختلاف المناطق الجغرافيّة وتعددها.

ثانيا: ماهية الحراك الاجتماعيّ:

يعرّف الحراك الاجتماعيّ بالوضع الّذي يشير إلى إمكانية تحرك الأفراد أو الجماعات إلى أسفل أو إلى أعلى الطّبقة أو المكانة الاجتماعيّة في هرم التّدرج الاجتماعيّ أو في إطار النّسق الاجتماعيّ[12].

وكثيرا ما يستخدم الحراك الاجتماعيّ في الجانب الاقتصاديّ، إلا أنّ الثّقافة أصبحت محور عملية التّنمية الاجتماعيّة الشّاملة، في حين أصبحت تكلنوجيا المعلومات هي محور التّنمية العلميّة التّكلنوجيّة[13].

وعليه الثّقافة سيكون لها تأثيرها اليوم في الحراك الاجتماعيّ، لأسباب عديدة منها العولمة والإعلام والتّطور التّكلنوجيّ، وتقارب الشّعوب وأفكارهم كما سنلحظه في المبحث الثّاني.

وللمثقف دوره في الحراك الاجتماعيّ، وهذا دوره كبير  في التّأريخ، وإن تأخر المصطلح، فبعضهم يرجعه إلى أوربا في عهد النّهضة، وآخرون يرجعون المصطلح إلى روسيا حيث أطلق على الصّفوة المتعلمة الّتي تلقت تعليمها في الجامعات الأوربيّة والغربيّة عموما أو في الجامعات الرّوسية الحديثة، ثمّ انتشر المصطلح من روسيا إلى أوربا الغربيّة فالمشرق العربيّ[14].

المبحث الثّاني: الثّقافة العربيّة والحراك الاجتماعيّ

يمر العالم العربيّ اليوم بمرحلة مهمة يجعل للثّقافة أهميتها في البروز على المستوى السّياسيّ والاقتصاد التّنمويّ والفكريّ والدّينيّ والاجتماعيّ.

فإذا كان في التّسعينات كثر التركيز على العولمة أو الكوكبة من خلال العلاقة بين الثّقافة والحراك الاجتماعيّ، والّتي أوجدت غزوا ثقافيّا المنتصر فيه الأقوى سياسيّا واقتصاديّا.

وقد يصف البعض هذه الثّقافة العالميّة الجديدة الآخذة بالتّشكل بأنّها ثقافة سطحيّة أو استهلاكيّة، أو غزو ثقافيّ أو ماديّ، أو غير ذلك، ولكن مهما كان الوصف المعطي فإنّه لا ينفي الحقيقة القائمة، ألا وهي إنّما مثل هذه الثّقافة تنتشر وتسود على حساب ثقافات محليّة وقوميّة عديدة[15].

والحديث عن هذا الجانب في الحقيقة أشبع بحثا وكلاما، وكذلك فيما يتعلق بعامل التّنمية وأثر الثّقافة فيه، وفيما يتعلق كذلك بالتّنمية المستدامة.

وعليه لكي لا يكون كلامنا مكررا، وبعيدا عن الواقع، نطرح هذه الأسئلة الثّلاثة:

  • ما موقع الثّقافة من المشهد السّياسيّ والتّفرق القوميّ في العالم العربيّ؟
  • ما دور الثّقافة كبديل عن التّطرف الدّينيّ والحروب الطّائفيّة؟
  • ما دور الثّقافة في توجيه الجانب الفنيّ والجماليّ؟
  • ما العلاج الّذي ستقدمه الثّقافة في ظلّ الوضع الاقتصاديّ والواقع الاجتماعيّ المترديّ؟

سنركز على هذه الثلاثة الجوانب لعلاقتها بالواقع الحاليّ في المجتمعات العربيّة.

أولا: الثّقافة والمشهد السّياسيّ والتّفرق القوميّ.

توجد جدليّة كبيرة  في العلاقة بين المثقف والسّلطة، فهناك من يرى ضرورة بعد المثقف عن السّلطة، فبعد 2011م أصبحت السّياسية طاغية على كلّ شيء، وأدّت هذه الوضعيّة إلى انغماس النّخب في وحل السّياسة[16]، بل كشفت بعد المثقف العربيّ عن المبدأ العام وانحيازه إلى السّلطة أو المصالح الشّخصيّة.

لذا يرى هذا الفريق وهو الأكثر أنّ الخطر يكمن في خلط العامل الثّقاﻓﻲّ بالسّياسيّ، لا لأنّ العامل ين هذين يشتغلان بآليتين مختلفتين وحسب، ولا لأنّهما يتحركان ﻓﻲ مستويات قد تتداخل أحياناً ……..؛ بل لأنّ استراتيجيات الثّقافة شيء، ومناورات السّياسة شيء آخر[17].

فالمثقف الّذي يدخل منطقة السّياسيّ عليه ألاّ ينس كونه حامل هم ومشروع ثقافيين، وليس طالب مصلحة وسلطة، والسّياسيّ يعمل وينتج خطابه من دون اعتبار كبير للأخلاق، بينما المثقف يضع الأخلاق ﻓﻲ صلب خطابه، أو هكذا يفترض به[18].

وعلى المثقف أن يبدي رأيه من غير مواربة للسّلطات القائمة السّياسيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة، ويجعل ﻓﻲ النّهاية من المعرفة سلطة، ومن الحوار آلية عمل فعالة، ومن الحريّة وسيلة وغاية[19].

ويرى المفكر علي حرب أنّ علاقة المثقف بالسّلطة السّياسيّة هي علاقة مركبة ومزدوجة، بقدر ما هي ملتبسة وإشكاليّة من حيث وجوهها المختلفة ومستوياتها المتعددة[20].

وبين علي حرب أنّ من أنواع المثقفين المثقف الموالي، الّذي يُسوِّغ للحاكم مشروعيته، ويدافع عن سياساته، وما أكثر المثقفين في العالم العربيّ الّذين يلتحقون بالحكام، ومن بينهم طغاة، لكي يمشوا في ركابهم ويبرّروا لهم أخطاءهم ومساوئهم، وهناك المثقف المنشقّ، ومثاله عالم اللّغة، المفكر والمناضل الامريكي نعوم تشومسكيّ الخارج على بلده، النّاقد لنظامه ومشاريعه وسياساته، ثمّ أشار أنه بين هذين الطّرفين تتراوح النّماذج، بين محايد ومستقل، أو مستشار ومتعاون، أو ناقد ومعارض، أو مُنظِّر ومنخرط[21].

على أنّه يرى في الجملة أنّ المثقف والسياسي كلاهما يصنع الآخر، وبالإجمال كلّ منهم يقيم علاقة مع سواه، أكانت علاقة عداء أم حب أم شراكة[22].

خلاصة ما تقدم ولكي يكون كلامنا منطقيّا، ونحن نرى الجانب السّياسيّ وأثره في الحراك المجتمعيّ، نرى من المثقفين من انخرط للأسف في العمق السّياسيّ لأهداف مصلحيّة، أو منصبيّة، فيبرر فعل السّلطة ولو كانت على خطأ، ويحسّن صورة الخطأ في الخطاب.

والأصل في المثقف أنّ بعده تنويريّ، والتّنوير قائم على تفعيل الوعي العام من خلال شرائح المجتمع، والّذي فيه تتشكل السّلطة ومؤسسات العمل المدنيّ، لذلك هو ينطلق من القيم والأخلاق المنبثقة منها، وليس ينطلق من الذّات والمصالح القاصرة الدّنيويّة.

وكما أسلفنا أنّ أحداث 2011م كشفت النّقاب عن العديد من الّذين ينادون بقيم الثّقافة في العالم العربيّ، أصبحوا متورطين في قضايا شخصيّة، ومنحازين للسّلطة الأقوى بعيدا عن قيم الثّقافة وأخلاقياتها، وهذا بدوره يؤثر سلبا على هذه القيمة، فتسقط قيمتها من نفوس النّاس، ولعل هذا ما يراد لها من قبل السّلطات السّياسيّة.

وعليه سيصبح المثقف في خانة غيره من المصالحيين، فقط ستختلف المسميات، فهذا باسم الوطن والسّياسة، وذاك باسم الدّين والغيب، والآخر باسم الثّقافة والوعي المجتمعيّ.

والأصل في المثقف أنّه يكون في قافلة المبادئ والقيم الكبرى، مضحيا لأجلّها بالمال والنفس، متحمّلا الإيذاء النّفسي والكلاميّ!!

وهذا لا يعني أنّه يكون ثائرا ضدّ المجتمع أو السّلطة، وإنّما يثور ضدّ التّخلف في المجتمع، وضدّ الجهل والفقر والاستعباد والقمع، فهو لا ينظر إلى السّلطة والمجتمع نظرة شيطانيّة، وفي الوقت نفسه لا ينظر إليهم نظرة ملائكيّة لا تخطئ، فهو مع المبدأ والقيم والكبرى، من أخذ بها كان داعما له وناصرا، ومن كان دون ذلك فلا ينزل معهم لمصالح ذاتيّة أو آنيّة!!!

ولا شك أنّ للسّلطة دورا كبيرا في التّأثير على الحراك المجتمعيّ، بما تملكه من قدرة إعلاميّة وماليّة وسياسيّة، ممّا يجعل دور المثقف صعبا، فيسعى إلى التّعاون مع السّلطة في تحقيق الوعيّ المجتمعيّ ما استطاع وفق عمل مؤسسيّ مقنن، وفي الوقت نفسه الوقوف مع المبادئ، وأن يكون الوعي في تحقيقها هو الأساس، ليساهم في توجيه الحراك المجتمعيّ بما يخدم المجتمعات وفق عمل مؤسسي مقنن وواضح.

فنحن بحاجة ماسّة لتأسيس نظام ثقافيّ عربيّ، يعتمد على التّحرر من العادات والتّقاليد والرّجعيّة الّتي تؤشر على التّخلف، والنّظام الثّقافيّ العربيّ هذا لابدّ وأن يعتمد التّنوير الثّقافي الهادف إلى إحداث انقلاب في نمط التّفكير العربيّ السّائد، والعمل على تغيير المجتمع على أسس عقلانية تحدث تغييراً في سلوك الإنسان من خلال نشر العلم والمعرفة والتّأمل العقليّ[23]، وهذا يحدث إذا استقل المثقف بذاته بعيدا عن إغراءات السّلطة وضغوط المجتمع.

ولكي ننزل قليلا إلى الواقع، إنّ الحراك الثّقافيّ التّنويريّ للمجتمع يكمن في التّالي:

أولا: التّنوير من الدّاخل وفق عمل مؤسسيّ، يشمل كافة الوسائل البصريّة والسّمعيّة والقرائيّة، ويندرج من الأطفال وحتى الكبار، والنّساء والرّجال، فلا يقتصر التّنوير على الكتابات واللّقاءات المؤتمريّة، بقدر ما يكون مستخدما جميع الوسائل، وخاصة اليوم وسائل التّواصل الاجتماعيّ، حيث خيم على العقل العربيّ ظلاميّة أعاقت تفكيره ردحا من الزّمن، وجعلته ليس يعيش في الماضي فحسب؛ بل يتصارع للماضي، ويتعصب لهم، مقابل حاضره ومستقبله!!!

ثانيا: تعميق الثّقافة الحقوقيّة المرتبطة بذات الإنسان، فلكلّ إنسان حقه في سبل العيش الكريم، وهذا مرتبط بالذّات الإنسانيّة، بغض النّظر عن فكره وتوجهه، فالنّاس وفق قيمة كرامة الإنسان سواسيّة، وهم أمام القانون سواء، لا يفرقهم لون ولا جنس، ولا قبيلة ولا عشيرة، والقانون ينطبق عليهم جميعا[24].

فالمثقف يقف مع الجانب الحقوقيّ للإنسان؛ لأنّه الأصل الّذي تدور حوله السّلطة والتّعامل المجتمعيّ، وأن يحرر هذا الإنسان من أي قيود دينيّة أو فكريّة أو مجتمعيّة مقابل ذاته البشريّة.

ثالثا: الوقوف بقوة مع حرية الإنسان في التّفكير والاعتقاد والنّظر؛ لأنّ الحريّة جزء من التّكوين البشريّ، فللإنسان حرية النّقد وفق القانون، ولا يجوز قمعه أو إقصائه، كان النّقد للسّلطة أم للفكر الدّينيّ، أم كان للفكر المجتمعيّ، وعندما نقول يتحرر المجتمع من السّلطة، فلا نقصد به فحسب السّلطة السّياسيّة، بل يدخل في ذلك السّلطة الدّينيّة والسّلطة المجتمعيّة، فلابدّ أن يتحرر منهما أيضا ليبقى مع أصل الكلمة والمبدأ بعيدا عن أي مؤثرات يمينيّة أو يساريّة.

رابعا: الوقوف مع السّلطة السّياسيّة وقوف نقد وتوجيه، بما يحقق العدل والمساواة والحريّة في المجتمع، والرّفع بالمستوى الإنسانيّ بتحقيق كرامة الإنسان وحقه في الحياة والعيش الكريم، وأن يحقق للمجموع الأمن القانونيّ والغذائيّ والصّحيّ والتّعليميّ وأمن الحريات.

خامسا: النّظر إلى القطر العربيّ ككقطر واحد، وبيئة واحدة، لما فيه من مشتركات لغويّة وثقافيّة وجغرافيّة واحدة، نحن في أمس الحاجة إلى وعي ثقافي، وتنوير ثقافي يعيد للإنسان اعتماده على استخدام عقله أمام حالة الكسل الّتي يعاني منها الإنسان العربيّ من جهة، وعدم المبالاة فيمن يفكر بديلاً عنه من جهة أخرى، بسبب حالة الإحباط التي وضعته فيها البيئة السّياسيّة القطريّة، والّتي هي مسؤولة عن خلق الثّقافات الفرعيّة المدمرة لوحدة الأمّة الثّقافيّة[25]، فالّذي أضرّ الوعي التّنويريّ العربيّ حالة الانقسام الّتي أثرت على رؤاه، وجعلت الجهود الثّقافيّة متبعثرة هنا وهناك!!!

ثانيا: الثّقافة والتّطرف الدّينيّ والحروب الطّائفيّة.

يعرّف بعضهم التّطرف بالمغالاة السّياسيّة أو الدّينيّة أو المذهبيّة أو الفكريّة، ويعتبرونه أسلوباً خطِراً مدمِّراً للفرد أو الجماعة[26]، وفي اللغة: الْمُبَالَغَةُ وَالإِفْرَاطُ، وَتَجَاوُزُ حَدِّ الاعْتِدَالِ[27].

والقرآن الكريم لم يستخدم مصطلح التّطرف، ولكنه استخدم مصطلح الغلو في الدّين، وحذّر منه، من ذلك قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ}[28]، والغلو مجاوزة الحدّ، وهو مظهر من مظاهر التّطرف الدّينيّ.

والتّطرف له مظاهره، منه التّطرف الفكريّ والدّينيّ والسّياسيّ والاجتماعيّ والخلقيّ، ويأتي على نمطيات مختلفة منها القوليّ ومنها الفعليّ السّلوكيّ.

واليوم تعاني المجتمعات الشرقيّة وخاصّة العربيّة من تطرف ديني ناتج من موروث سابق أدخل إلى الفكر كدين.

وتعود أهم مشاكله إلى غياب القيم القارئة لهذه الموروث والناقدة له، وفي الوقت نفسه يعود إلى قراءة القيم ذاتها قراءة استعلائيّة فرديّة أو مذهبيّة، مع أنّ الله تعالى نهى عن تزكية الذّات واستعلائها: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[29].

لذا من أهم مظاهره التّعصب للذّات، وعدم الاعتراف بالآخر، أو إلغاء الآخر وتصفيته فكريّا، وقد يستغل الجانب الشّعبيّ والمجتمعيّ كقاعدة في إلغاء الآخر، وقد يتعرض للتّصفيّة  الجسديّة.

فيتصور أنّه بهذا التّطرف يرضي الله تعالى، ويدخله رضوانه، وأنّه بهذا ينطلق باسم الغيب وباسم الله وأنبيائه وقديسيه، فيضيع الوقت والمعرفة في جدل كلاميّ وفي قضايا غيبيّة، وإشغال الأجيال بها، مقابل العلم والمعرفة التّجريبيّة والمستقبليّة.

أمّا التطرف الفكريّ فيعتبر أوسع أنواع التّطرف؛ لأنه لا يكون مقتصراً على الدّين، فقد يكون باسم المعرفة أو العادات أو الحرية أو السّلطة أو المال.

ومن أهم مظاهره إقصاء الآخر لأي خلاف فكريّ أو سياسيّ أو مجتمعيّ، واستغلال النّفوذ الماليّ والسّياسيّ لتحقيق ذلك، فيخلق حالة إقصاء يتولد عنها جماعات متطرفة، ممّا يغيب الحوار مع الآخر.

وأمّا التّطرف المجتمعيّ فيرى علماء التّربية أنّ السّلوك ناتج من نواتج الفكر، وعليه تكون العلاقة بينهما طرديّة، والسّلوك كان فرديّا أو مجتمعيّا يعود في حقيقته إلى الفكر ذاته، والمجتمعات إذا كانت تعيش في خواء فكريّ تكون أكثر عرضة لأي فكر دخيل، ولكونها لا تملك الأداة لنقد هذا الفكر، أو تقنين التّعامل معه، فقد يكون الفكر متطرفا ممّا ينتج بيئات خصبة لنمو جماعات متطرفة جدا، وهذا ما يظهر في بعض البلدان والمناطق من العالم.

كما أنّ الفقر وعدم العدل الاقتصاديّ والماليّ، وانتشار الأميّة يشكل بيئات خصبة لغزو الفكر المتطرف.

والفكر المتطرف المجتمعيّ والسّلوكيّ لا يقتصر عند جانب معين، فقد يتسع إلى قضايا كثيرة في الأسرة والمسجد والسّوق، وقضايا المرأة والأطفال وكبار السّن، والزّواج والميراث، واختلاف اللّون والمناصب بين النّاس، وغيرها[30].

والمجتمعات العربيّة أصبحت خصبة اليوم للتّطرف بسبب الاستبداد السّياسيّ، وقمع الحريات، وانتشار الفقر، وكثر المعاهد والكليات الدّينيّة المفرزة للتّراث بغير نقد، مع تهميش العقل، واستغلال الفضائيات ووسائل التّواصل الاجتماعيّ.

وعليه ظاهرة التّطرف ترتبط دائما بالتّعصب الأعمى والانغلاق الفكريّ وعدم قبول الرّأي الآخر، الأمر الّذي يؤدي إلى سلسلة لا متناهية من العنف المضاد الّذي يؤدي إلى صراعات مدمرة داخل المجتمع، وأنّ الغلو في التّطرف يؤدي إلى عجز المجتمع في التّفكير عن حلول مبدعة لمشكلاته، وعن تطوير ذاته، ليصبح مجتمعا مضطربا وغير مستقل[31].

لهذا يمر الحراك المجتمعيّ اليوم بمرحلة حرجة حيث يتجه نحو التّطرف بأشكاله، والّذي يأكل الأخضر واليابس، ممّا يجعل من الدّور الثّقافيّ أن يتحرك ضرورة إلى حدّ الوجوب القطعيّ، لإيجاد جو بديل يخرج المجتمع من التّطرف إلى الاعتدال، ومن إلغاء الآخر إلى الاعتراف به.

وعلى هذا فإن مواجهة التّطرف يتطلب وضع استراتيجيّة طويلة المدى، ترتكز على نشر الثّقافة الوسطيّة، والتّطوير الحقيقيّ للتّعليم، وتشجيع النّقاش والحوار والبعد عن الغلو  في فهم النّصوص الدّينيّة، وإعلاء قيمة الانتماء للوطن، والرّبط بين العطاء للمجتمع، والعطاء للفرد[32].

والثّقافة التّنويريّة تعمل على غسل العقل العربيّ من الخزعبلات الّتي سادت ثقافتنا ونمط تفكيرنا، وتعيد للعقل ريادته في الرّقي بالإنسان والمجتمع، فأفضل ما يملك الإنسان هو العقل الّذي ميّزه عن بقية مخلوقات الله، فكرّم بني آدم بالعقل، وجعل له المكانة العليا على باقي المخلوقات، والثّقافة التّنويريّة هي ثقافة عقلانيّة نحن في أمس الحاجة إليها أمام حالة التّخلف وإشاعة التّفكير الظّلاميّ الّذي بات يدمر الأمّة[33].

ومن خلال ما تقدّم في نظري أنّ الخطاب الثّقافيّ المعتدل لابدّ أن يكون له دوره في تغيير الحراك الاجتماعي ليتجه نحو الاعتدال وخدمة ذات الإنسان من خلال التّالي:

أولا: توفير الخطاب الثّقافيّ البديل عن الخطاب الدّينيّ والفكريّ المتطرف؛ لأنّ الإنسان لا يستجيب لكتب التّطرف إلا إذا كان لذلك مهيئا نفسيّا واجتماعيّا، والحائز للصّحة النّفسيّة والاجتماعيّة لا يميل إلى الآراء المتطرفة، وإذا اعتنقها كأفكار في أحوال نادرة فإنّه لا يميل بها إلى العنف والإرهاب[34]، وهذا من خلال توفير البيئة المناسبة الّتي تملأ بالخطاب الثّقافيّ المتجه إلى بناء الإنسان وتنويره، وكلّما ابتعدت النّخب المثقفة عن المجتمع؛ كلّما كان العقل المجتمعي فارغا، ليحلّ بدله أيّ خطاب آخر، وقد يكون متطرفا!!

ثانيا: وجود مراكز بحثيّة استراتيجيّة ثقافيّة تركز على أمرين: الأمر الأول: الجانب النّقديّ في التّراث روائيّا وتأريخيّا وسياسيّا وفلسفيّا، ونقد الاجتماع البشريّ في الوطن العربيّ وتفكيره وعاداته وتقاليده؛ لأنّ ثقافة النّقد هي الفريضة الغائبة عن واقعنا، ليحلّ محلها ثقافة التّمجيد والتّقديس، ثمّ التّعصب والتّطرف والتّقاتل، والأمر الثّاني: إيجاد البدائل في الخطاب والوسائل، مع نقد الذّات أيضا؛ لأنّ العمل المؤسسيّ يعالج القضايا بصورة أكبر عمقا، ويعطي بدائل ووسائل أكثر تأثيرا في المجتمع.

ثالثا: الإكثار من الجامعات والمراكز البحثيّة في الوطن العربيّ، والّتي تركز على الجانب الثّقافيّ المعمّق لقيمة الإنسان والبحث والحريّة، وأن يعطى للجيل حريته في الدّهشة والتّساؤل والبحث والنّقاش، لتتخرج أجيال تعظم قيمة العقل والنّظر والتّدبر، والاشتغال بالإنتاج والاختراع وتعظيم قيم الإنسان الكبرى.

رابعا: نشر ثقافة القانون المدنيّ وتفعيله، وأهمية احترام الدّساتير القائمة على اختيار الشّعوب، والمبنية على التّنوير القانونيّ، الّذي يحفظ الجميع، وعليه يكون القانون حافظا للإنسان وحريته وثقافته، بعيدا عن تلاعب السّلطة، واستبداد المجتمع، فيكون المثقف واقفا مع القانون المرضي من الجميع، ساعيا في تعميقه، وتوجيه المجتمع إلى الدّولة المدنيّة الحافظة لحريات النّاس وحقوقهم الذّاتيّة، وحتى لا تتحول الثّقافة ذاتها إلى تطرف آخر!!!

ثالثا: الثّقافة والجانب الفنيّ والجماليّ[35].

من فلسفة الوجود الجمال، سواء كان الجمال منظورا أو مسموعا أو ملموسا أو متذوقا، فهو جزء من صيرورة الإنسان في الكون، فهو يتمتع بالمناظر الّتي خلقها الله تعالى في الوجود، يقول سبحانه: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ،  وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ}[36].

لذا نجد الإنسان منذ القدم تصيبه الدّهشة في جمال الكون، فطالما تمتع بجمال السّماء والنّجوم، وشدّ رحاله في السّهول والسّواحل والجبال والغابات، حتى أصبحت السّياحة اليوم فنّا جماليّا يتسابق فيه العالم، ليتعرف الإنسان ويكتشف أكثر جمال الطّبيعة.

كذلك تمتع الإنسان بجمال الصّوت، فيهو يتمتع بصوت العصافير، وصوت حنجرة الإنسان الطّبيعيّة، واعتبر بعض المفسرين قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[37]، أي الصّوت الحسن في قوله: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ}[38].

أمّا الملموس والمتذوق فهو يلمس جماليات من حوله يتمتع بهم كملاعبته لأطفاله، وتذوقه لكلّ ما هو طيب من الطّعام والشّراب.

وعلم الجمال ينتمي إلى علوم الفلسفة، وهو أحدث فرع فيها، ويسمى الاستاطيقا Aesthetics، حيث يرجع هذا العلم إلى نهاية القرن الثّامن الميلاديّ عند الفلاسفة الإغريق[39].

وترى أميرة حلمي مطر أنّ الجمال والفن نشأ مع وجود الإنسان، إلا أنّه كعلم فلسفيّ نشأ مع نشأة الفلاسفة مع علماء اليونان القدماء[40].

وفي الحقيقة ربط نشأة الفلسفة ومن ثمّ فلسفة الجمال بعلماء الإغريق فيه نظر؛ لأنّ الفلسفة وجدت قبل اليونان، ومنها الفلسفة المصريّة القبطيّة أو ما سميت لاحقا بالفرعونيّة، والفلسفة الكلدانيّة، ولكن لعلماء الإغريق فضل التّقعيد والتّجميع والتّكوين، وعلماء العرب وفلاسفتهم فضل حفظ الفلسفة الإغريقية وترجمتها وتطويرها.

والجمال في الإنسان وعشقه له فطري غريزي لذلك حاول البحث عنه وفهمه ومن ثم تقليده، أمّا تقليده فله صور عديدة من ذلك جمال اللّباس، {يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[41]، واللّباس تقليد للباس الطّبيعة، وحاول الإنسان تطويره في أشكاله ورسوماته، وتعدد اللّباس في ذاته فنّ إنسانيّ بديع.

كذلك استغل جمال الطّبيعة في صنع بيته والتّفنن فيه، ممّا أعطى للهندسة المعماريّة ذوقا جماليّا وفنيّا.

وحاول أيضا تقليد أصوات الطّبيعة في صنع الآلات والألحان، وابتكار المقامات والقواعد الموسيقيّة، بجانب الإبداع الشّعري وقواعده، والفنون الشّعبيّة.

وفي المقابل كان التّصوير والنّقش والرّسومات الفنيّة، واليوم الإبداع الرّسميّ عن طريق الفوتوشوب والرّسومات الالكترونيّة.

وجاءت الأديان السّماويّة لإضافة بعد جماليّ روحيّ ليتكامل الجمالان الرّوحيّ والبدنيّ، فالفنّ يجمع بين الجمالين: جمال العقل بالمعرفة، وجمال البدن بالرّياضة، ضاربة العديد من النّماذج، منطلقة من جماليّة الكون والطبّيعة.

والفنّ لون من ألوان الثّقافة الإنسانيّة، حيث أنّ الفن نتاج بعض الإبداع الّذي يكون مصدره الإنسان، كما أنّ الفن يعتبر أداة تعبيريّة لدى الإنسان بالأمور الذّاتيّة الخاصة به، ولا يكون تعبيرا عن بعض متطلبات الإنسان في حياته الاعتياديّة، كما أنّ معظم الأشخاص يقيمون الفنّ على أنّه ضروريّ جداً في الحياة، مثل: ضرورة الماء، والطّعام للإنسان أي أنّه مهم جدا لحياة الانسان[42].

والفنّ في أشكاله المختلفة هو محاولة البشر لتصوير الإيقاع الّذي يتلقونه في حسهم من حقائق الوجود في صورة مؤثرة جميلة، والفنان شخص موهوب، ذو حساسيّة خاصّة، تستطيع أن تلتقط الإيقاعات الخفيّة اللّطيفة، الّتي لا تدركها الأجهزة الأخرى في النّاس العاديين، وذو قدرة تعبيرية خاصة تستطيع أن تحوّل هذه الإيقاعات الّتي يتلقاها حسه إلى لون من الأداء الجميل، يثير في النّفس الانفعال، ويحرّك فيها حاسّة الجمال[43].

والفنون تنقسم إلى فنون ماديّة، وفنون غير ماديّة، أمّا الفنون الماديّة هي الفنون الّتي تكون مثل النّحت بالإضافة إلى الزّخرفة وصنع الفخار، أمّا الفنون غير الماديّة هي مثل الموسيقى وغيرها[44].

واختلف الفلاسفة والمؤرخون في العلاقة بين الفنّ والجمال من حيث الذّاتيّة والأسبقيّة، إلا أنّهم اتفقوا أنّ العلاقة بينهما علاقة مطابقة، فبعضهم يرى أنّ الجمال هو جانب فلسفيّ تنظيريّ ظهر لاحقا، والفنّ هو طبيعة إنسانيّة سابقة له، تجسّد الثّاني في أشكال فنيّة تولّد منها فلسفة الجمال، وبعضهم يرى أنّ الجمال طبيعة ذاتيّة وجدت مع الإنسان، ثمّ تشكل إلى جوانب فنيّة متنوعة.

وعلى العموم في نظري أنّ الجمال هو الطّبيعة البشريّة الّتي وجدت في أصل الكون، ثمّ عشقها الإنسان فطرة بشريّة فيه من خلال علاقته مع نفسه والكون، فأسقط هذا الجمال في أشكال فنيّة متعددة، ومع تنوع هذه الأشكال وجدت فلسفة الجمال.

فالجمال كأصل بسيط سابق للفنّ، والفنّ نتيجة طبيعيّة له، ووسيلة في إسقاطه وتقريبه، أمّا الجمال كفلسفة وعلم فهو متأخر عن الفنّ.

بعد هذه المقدمة عن الفنّ والجمال، نجد للفنّ تأثيرا في الحراك المجتمعيّ في الوطن العربيّ، ولكن مع هذا نجد هناك عدة صور للفنّ في إقليمنا من العالم:

  • صورة تنظر إلى الفنّ والجمال نظرة سلبيّة، يتصور الجمال عريّا وسفورا وبعدا عن تعاليم السّماء، فهناك ممّن يجعل خصومة بين الإسلام والجمال، ويظهر ذلك من خلال السّلوك المتجهم إزاء آيات الجمال والفنون والإبداعات الجماليّة في هذه الحياة[45].
  • وصورة للفنّ المبتذل، الفنّ الّذي يزعم أنه فنا، لكن همه انتهاك القواعد والضّوابط الأخلاقيّة، وقد يعمل بعض مروجيه على زرع الفوضى والفتنة مستهدفين قيم وقناعات شعب ما، خلف ستار حرية بلا حدود[46].
  • وصورة للفنّ الّذي تستخدمه السّلطة في تمكين سياسة الاستبداد، ومحاربة الحريات، وفيه يظهر الاستبداد في صورة الجمال مستغلة الوسائل الفنيّة في ذلك، لتوجيه الحراك الاجتماعيّ في خدمتها.
  • صورة تستغله الجهات المتطرفة دينيّة أو فكريّة في توجيه الحراك المجتمعيّ نحو التّطرف، والعيش في ظلاميّة الماضي، وتمكين الصّراع الطّائفي بين النّاس.

لهذا كان الفنّ والجمال أداة أصبحت توجه لخدمة استبداد السّلطة، وتطرف المجتمع، فضاع هذا الجمال ليحقق أبعادا لا تجتمع معه، وبدوره هذا سوف يؤثر في الحراك المجتمعيّ.

من هنا كان للثّقافة الدور المهم في إعادة التّوجيه من خلال التّالي:

أولا: إيجاد الأبحاث والدّراسات والمحاضرات والنّدوات الّتي تبين رسالة الفنّ والجمال، وذلك لكون هذه الرّسالة رسالة جمال واعتدال، ورسالة بناء ونماء، لا رسالة استبداد وتطرف، ورسالة ابتذال ودمار!!

ثانيا: توفير البديل من الفنّ المعمق للجانب الثّقافيّ التّنويري، الّذي يساهم في نشر ثقافة التّنوير، ورفع مستوى الوعي المجتمعيّ، ليعيش مع البناء لا الهدم، ومع الجمال لا الظّلام.

رابعا: الثّقافة والوضع الاقتصاديّ والاجتماعيّ.

تواجه الاقتصاديات العربيّة حاليا، وفى المستقبل القريب تحديات عديدة ومتنوعة (داخليّة وخارجيّة – مباشرة وغير مباشرة)، وهى تحديات تنبع من مصادر شتى، وتهدد بإلحاق أفدح الأضرار ليس فقط بالمستقبل الاقتصادي للشّعوب العربيّة؛ ولكن بات الخطر يلتف حول هويتها وثقافتها بل ووجودها القوميّ ذاته، فهناك تحديات العولمة، وانفتاح الأسواق، وشراسة الشّركات عابرة القارات، وتنامى النّزعة نحو بناء التّكتلات الاقتصاديّة والإقليميّة، واشتداد حمّى التّنافس الاقتصاديّ، ومخاطر التّهميش الّتي تنتظر الكيانات الصّغيرة غير القادرة وغير المؤهلة للمنافسة، والسّماوات المفتوحة، والأقمار الصّناعيّة، والبث الفضائيّ الّذى لا تحدّه قيود، وهناك من جانب آخر  تحديات القوى الإقليميّة المتحفزة لدور جديد فى منطقة الشّرق الأوسط خصما من حساب قوى إقليميّة عربيّة كبرى كمصر، وغيرها من التّحديات الّتي تهدد المستقبل العربيّ بصفة عامّة[47].

ومع كثرة المواهب الطّبيعيّة الّتي وهبها الله تعالى للعالم العربيّ إلا أنّ الانقسامات السّياسيّة، والحروب الطّائفيّة جعلته يعيش عالة على غيره، ممّا أصبح معدل الفقر وما يتبعه من آثار اجتماعيّة يزيد يوما بعد يوم.

ثمّ إن اعتماد أغلب الدّول العربيّة على النّفط في السّنوات الماضية جعلته يعيش في وهم المادة، ومع عدم استغلال هذه الثروة في بناء العقل العربيّ، والاعتماد على الذّات، جعله اليوم يعيش نكسة انخفاض النّفط، ممّا يؤثر على الحراك المجتمعيّ فيه بصورة كبيرة.

وأصبحت البطالة في الدّول العربيّة واحدة من أخطر التّحديات الّتي تواجه دول المنطقة في ظلّ التّحولات الاقتصاديّة الرّاهنة، وتشير التّقارير إلى أنّ معدل البطالة في الوطن العربيّ يبلغ 14%  من أصل (180) مليون عاطل عن العمل في العالم، بمعنى أخر يبلغ العرب نحو 4.9% من سكان العالم، بينما يبلغ العاطلون عن العمل حوالي 10.6% من إجمالي العاطلين عن العمل في العالم أي أكثر من الضّعف في سكان العالم، فمعدلات التّدفق العربيّ إلى سوق العمل أعلى من بقية العالم ممّا يخلق نوعين من الضّغط، ضغط البطالة القائمة، وضغط البطالة القادمة[48].

وبلا شك أنّ البطالة سيكون لها تأثيرها السّلبيّ في الحراك المجتمعيّ في الاتجاه به نحو الفقر والّذي من أكبر آثاره الجريمة وارتفاع معدلات الاغتصاب، والجهل والأميّة، والمرض وانتشار القذارة المسببة للأمراض المتعددة، واتجاه الشّباب نحو المخدرات والجرائم الأخلاقيّة والمجتمعيّة.

فالعلاقة بين الوضع الاقتصاديّ والحراك المجتمعيّ علاقة طرديّة، فكلّما تحسن الوضع الاقتصاديّ أسقط ذلك على الحراك المجتمعيّ ليكون تحرّكا إيجابيّا نحو الاستقرار والمعرفة والتّوازن الطّبقيّ في المجتمع، والعكس صحيح، فكلّما تردى وضعف الوضع الاقتصاديّ كلّما أثر على الحراك المجتمعيّ ليتجه نحو الجريمة وعدم الاستقرار والطّبقيّة.

لهذا كان للثّقافة والمثّقف دورهما في هذه المرحلة لتحريك المجتمع العربيّ نحو الوضع الاقتصاديّ الآمن لجميع أبناء المنطقة، وذلك من خلال التّالي:

أولا: السّعي في القضاء على الأميّة والجهل والمرض، لحق الإنسان الذاتيّ في كسب المعرفة وتعليمه، وحقه في مواصلة دراسته الذّاتيّة.

ثانيا: بناء الإنسان قبل المال والاقتصاد، فدول كسنغافورة مثلا بنت الإنسان أولا، ثمّ تحسن وضعها الاقتصاديّ، وارتفع دخلها ثانيا، وعلى المثقف تعميق هذا البعد في الوطن العربيّ، والسّعي في تحققه.

ثالثا: تبني الثّقافة والمثّقف للتّنمية المستدامة على أربعة عناصر مهمة هي: الإنتاجيّة الإبداعيّة في مختلف الميادين والمجالات الماديّة والمعنويّة والرّوحيّة، وتطبيق حقوق الإنسان، سيما المساواة بين أفراد المجتمع الواحد، دون تمييز لوني أو ثقافيّ أو لغويّ أو دينيّ أو عرقيّ، وتمثل سياسة الاستدامة بأن تكون التّنمية غير مقتصرة على الحاضر؛ بل تمتد إلى المستقبل عبر خطط استراتيجيّة قريبة أو متوسطة أو بعيدة، ومن خلال التّفكير في أجيال المستقبل، وإعداد تدبير ناجع مستقبلي، يعتمد على الاكتفاء الذّاتيّ، والتّصنيع المحليّ، والتّنوع الثّقافيّ، والاهتمام بالتّنميّة الاقتصاديّة الشّاملة، والابتعاد عن الاستدانة الرّبويّة، والتّبعيّة المنتروبوليّة، واقتصاد الرّيع، والاستهلاك غير المنتج، وتخريب البيئة وتلويثها، علاوة على تمكين الأفراد والمجتمع المدنيّ من المساهمة الفاعلة في التّنميّة البشريّة المستدامة عن طريق المشاركة والمساهمة الفعليّة[49].

والتّنمية البشريّة المستدامة لا تقتصر على تحقيق الإنتاجيّة الماديّة، أو تغيير المجتمع فحسب؛ بل التّنميّة المستدامة هي الّتي تعنى بالإنسان عقلا وجسدا وقلبا ومعتقدا وثقافة وبيئة، بمعنى أنّ المقاربة الثّقافيّة هي الأساس في كلّ تنمية بشريّة لتغيير المجتمع على جميع الأصعدة والمستويات، وتحقيق تنمية إنتاجيّة حقيقيّة ماديّا ومعنويّا، وتمكينها داخل المجتمع عن طريق إشراك جميع الفاعلين في اقتراح آليات التّنمية الحقيقيّة، وفي هذا الصّدد، يقول جورج قرم: تدور التّنمية البشريّة المستدامة حول تطوير المقدرة البشريّة بسياسات وبرامج اقتصاديّة واجتماعية ودوليّة تعزز قدرة الإنسان على تحقيق ذاته. ويرتبط مفهوم التّنمية في هذا السّياق بتنمية الإنسان من حيث هو هدف ووسيلة، أو بتنمية قدرات الإنسان على سدّ حاجاته الماديّة والمعنويّة والاجتماعيّة، وإذ تتركز استراتيجيات تحقيق التّنمية البشريّة على إحداث تغييرات في البيئة القانونيّة والمؤسسيّة الّتي يعيش في كفها البشر، يبقى الأساس في ذلك دائما توسيع خيارات الإنسان، وبذلك، يتسع فضاء حريته، وهو ما يتضمن البعد الاقتصاديّ للتّنمية دون أن يقتصر عليها[50].

رابعا: أن تساهم الثّقافة في رفع مستوى الوعي بأهمية الوحدة العربيّة في التّعاون بينها اقتصاديّا، مع استغلال العقل العربيّ أيّا كان موقعه في التّنمية المستدامة، ورفع عجلة الاقتصاد.

ومن جهة أخرى عليها أن تتبنى نشر الوعي من خلال بيان أن قوتها من خلال استقلالها في اقتصادها، وأكلها من خبز يدها، وصناعة حاجياتها بأيدي أبنائها[51]، وأن تستغل السّوق العربيّة الواسعة في نشر بضائعها، وأن تكون أمّة تصدير لا أمّة استهلاك.

خامسا: محاربة الفساد الماليّ والإداريّ، والغش الاقتصاديّ، والتّطفيف في الميزان، واستغلال حاجيات الضعيف، وجميع الأمراض الاقتصاديّة، وما ينتج عنها من أمراض اجتماعيّة؛ لأنّ هذا من المبادئ الّتي يسعى لتحقيقها المثقف، بعيدا عن أي ضغوطات ومصالح سياسيّة أم دينيّة أم اجتماعيّة.

سادسا: جعل الثّقافة نفسها مصدرا للتّنمية المستدامة، ورفع عجلة الاقتصاد في العالم العربيّ، وبلا شك هذا سيكون له تأثير إيجابي في رفع معدل الحراك المجتمعيّ إلى الأمام.

الخاتمة

لقد أدركنا من خلال هذا البحث المتواضع أنّ الحراك الاجتماعيّ اليوم، وخاصة بعد أحداث 2011، وفي هذا القرن الحادي والعشرين، أصبح متأثرا سلبا أم إيجابا بالمشهد السّياسيّ والتّفرق القوميّ في العالم العربيّ، وبالتّطرف الدّينيّ والحروب الطّائفيّة، وانتشار الصّحوة الدّينيّة نتيجة الفضائيات، وظهور الدّعاة الدّينيين، مع الجانب الفنيّ والجماليّ، وتأثيره إعلاميّا على الحراك المجتمعيّ، وأخيرا الوضع الاقتصاديّ والواقع الاجتماعيّ المترديّ.

كلّ هذا سيؤثر على الجانب الثّقافيّ ووضعيّة المثقف من جهة انسياقه مع هذه الموجة، أو صموده مع المبادئ العامّة للثّقافة، ليسير في طريق التّنوير والتّغيير والإصلاح، وليكون عنصر نقد وتقويم وتوجيه، مستغلا جميع السّبل والوسائل المتاحة في توجيه الحراك الاجتماعيّ نحو البناء والوسطيّة والاعتدال وصنع الإنسان، وفتح الحريات له، لا أن يكون ضحية التّطرف والإقصاء والقمع ليمارس ذلك باسم سلطة الثّقافة ذاتها، لتكون سلطة أخرى لا تختلف عن استبداد السّلطة السّياسيّة أو الدّينيّة أو المجتمعيّة!!!

مصادر ومراجع بحث الثّقافة[52]

  1. دافي: تشالرز، مشاكل الشّباب، ترجمة ليلى الحافي، طبعة مكتبة المعارف، بيروت / لبنان، الطّبعة الأولى 1960م.
  2. عمر: أحمد مختار، معجم اللّغة العربيّة المعاصر، ط عالم الكتب/ القاهرة، 1429هـ/ 2008م، نسخة الكترونيّة، مادة ثقف.
  3. الأهدل: علي محمد مقبول، أضواء على الثّقافة الإسلاميّة، ط شبة الألوكة الالكترونيّة.
  4. الرّازيّ: محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصّحاح، تحقيق: يوسف الشّيخ محمد، ط: المكتبة العصريّة – الدّار النّموذجيّة، بيروت- صيدا/ لبنان، الطّبعة: الخامسة، 1420هـ / 1999م، نسخة الكترونيّة.
  5. الهواريّ: هود بن محكم، تفسير كتاب الله العزيز، تحقيق: الحاج بن سعيد شريفيّ، ط دار الغرب الإسلاميّ، بيروت/ لبنان، الطّبعة الأولى 1990م.
  6. الحمد: تركي، الثّقافة العربيّة في عصر العولمة، ط دار السّاقيّ، بيروت/ لبنان، الطّبعة الأولى 1999م.
  7. موقع أرنتروبوس:  الموقع العربيّ الأول في الأنثروبولوجيا والسوسيوأنثروبولوجيّا.
  8. فيضي: محمد، مقالة حول تعريف الثّقافة، موقع موضوع.
  9. الصّغير: كاوجة محمد الصغير، وابتسام: كوشي، الحراك الاجتماعيّ وعلاقته بالمتغيرات المجتمعيّة للمجالات الاجتماعيّة في المدينة الجزائريّة، دراسة ميدانيّة لتراموايّ ورقلة – الجزائر، مجلة العلّوم الإنسانيّة والاجتماعيّة.
  10. علي: نبيل، الثّقافة العربيّة وعصر المعلومات، سلسلة عالم المعرفة، سلسلة رقم: 265.
  11. حنا: عبدالله، المثقفون في السّياسة والمجتمع (أطباء)، ط الأهالي للنشر والتّوزيع، دمشق/ سوريّة، الطّبعة الأولى 1996م.
  12. ولد الشيخ: الشيخ عبدي، مقالة المشهد الثّقافيّ العربيّ: الواقع والمأمول، صحيفة أقلام الالكترونية.
  13. رحيم: سعد محمد، أنطقة المحرم وشبكة علاقة المثّقف بالسّلطة، دار ميزوبوتاميا، بغداد/ العراق، الطّبعة الأولى/ 2013م.
  14. الشّيديّ: عصام، تقرير حول ندوة العلاقة بين المثقف والسّلطة تأثيرا وتأثرا تثير جدل الأسئلة، جمعية الكتاب العمانيّة – مسقط،  جريدة عُمان.
  15. الفريحات: غالب، مقالة حاجتنتا إلى ثقافة التّنوير، نشر:  شبكة البصرة.
  16. العبريّ: بدر، القيم الخلقيّة والإنسان، ط دار سؤال، بيروت/ لبنان، الطّبعة الأولى 2016م.
  17. الأحمد: أحمد عيسى، المغني في اللّغة العربيّة، نسخة الكترونيّة.

18- العبريّ: بدر، فكرنا الإسلاميّ والقيم الإنسانيّة: النظّريّة والواقع، المقدم لمؤتمر التّطرف الفكريّ ومدى تأثيره على المجتمع العربيّ بالجمعيّة العمانيّة للكتّاب والأدباء – مسقط، بتأريخ: ٧-٨ ديسمبر ٢٠١٥، طبع البحث في كتاب: التّطرف الفكريّ ومدى تأثيره على المجتمع العربيّ، إعداد وتحرير: خميس بن راشد العدويّ، طبعة الجمعية العمانيّة للكتّاب والأدباء ودار الغشام/ مسقط، الطبعة الأولى 2017م.

  1. الخواجة: محمد ياسر، التّطرف الدّينيّ ومظاهره الفكريّة والسّلوكيّة، نشر مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، المملكة المغربيّة.
  2. محفوظ: نجيب، حول التّدين والتّطرف، الدّار المصريّة اللّبنانيّة، لا تأريخ.
  3. السّيوطيّ: جلال الدّين، الدّر المنثور في التّفسير بالمأثور، ط دار الفكر لبنان/ بيروت، الطّبعة الثّالثة.
  4. القرطبيّ: أبو عبدالله محمد، الجامع لأحكام القرآن، دار الفكر لبنان/ بيروت.
  5. موقع فيدو على الشّبكة العالميّة.
  6. مطر: أميرة حلمي، فلسفة الجمال أعلامها ومذاهبها، دار قباء للنّشر والتّوزيع، مصر/ القاهرة، ط 1998م.
  7. عبد المحسن: رباب، مذكرة في تعريف الفنّ والإبداع، وزارة التّربيّة والتّعليم، جمهوريّة مصر العربيّة، مخطوط.
  8. القضاة: أحمد مصطفى علي، الشّريعة الإسلاميّة والفنون، الطّبعة الأولى 1408هـ/ 1987م، دار الجيل، لبنان/ بيروت.
  9. عمارة: محمد، الإسلام والفنون الجميلة، الطّبعة الأولى 1411هـ/ 1991م، ط دار الشّروق، مصر/ القاهرة.
  10. عامري: مهدي، مقالة المثال و الابتذال في الفنّ، جريدة هسبريس، جريدة إلكترونيّة مغربيّة.
  11. الزّهيرىّ: توحيد، التّحديات الّتي تواجه العالم الإسلاميّ، القاهرة: دار الجميل للنّشر والتّوزيع والإعلام.
  12. عبد البصير محمد: أحمد عبد التّواب، ورقة الدّول العربيّة والتّحديات الاقتصاديّة، كليّة الاقتصاد والعلوم السّياسيّة جامعة القاهرة. مخطوط.
  13. حمداويّ: جميل، مقالة المقاربة الثّقافـيّة أسـاس التّنميـة البشريّة المستدامـة، موقع ديوان العرب.

[1] ينظر : دافي: تشالرز، مشاكل الشّباب، ترجمة ليلى الحافي، طبعة مكتبة المعارف، بيروت / لبنان، الطّبعة الأولى 1960م.

[2] عمر: أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصر، ط عالم الكتب/ القاهرة، 1429هـ/ 2008م، نسخة الكترونية، مادة ثقف.

[3] الأهدل: علي محمد مقبول، أضواء على الثقافة الإسلامية، ط شبة الألوكة الالكترونية، ص 6.

[4] المصدر نفسه، ص 6.

[5] الرازي: محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصحاح، تحقيق: وسف الشيخ محمد، ط: المكتبة العصرية – الدار النموذجية، بيروت- صيدا/ لبنان، الطبعة: الخامسة، 1420هـ / 1999م، نسخة الكترونية، مادة ثقف.

[6] في: البقرة/ 191؛ آل عمران/ 112؛ النساء/ 91؛ الأنفال/ 57؛ الأحزاب/ 61؛ الممتحنة/ 2.

[7] الأنفال/ 57.

[8] ينظر: الهواري: هود بن محكم، تفسير كتاب الله العزيز، تحقيق: الحاج بن سعيد شريفي، ط دار الغرب الإسلامي، بيروت/ لبنان، الطبعة الأولى 1990م، 2/100.

[9] الحمد: تركي، الثقافة العربية في عصر العولمة، ط دار الساقي، بيروت/ لبنان، الطبعة الأولى 1999م، ص 17.

ينظر أيضا: موقع أرنتروبوس:  الموقع العربي الأول في الأنثروبولوجيا والسوسيوأنثروبولوجيا، تاريخ الزيارة: 24/6/ 2016م، الساعة الثالثة والنصف ظهرا، الرابط: http://www.aranthropos.com/.

[10] الحمد: تركي، الثقافة العربية في عصر العولمة، ص 18.

[11] فيضي: محمد، مقالة حول تعريف الثّقافة، موقع موضوع، تاريخ الزيارة: 24/6/ 2016م، السّاعة الرابعة عصرا، الرابط: http://mawdoo3.com/.

[12] الصغير: كاوجة محمد الصغير، وابتسام: كوشي، الحراك الاجتماعيّ وعلاقته بالمتغيرات المجتمعيّة للمجالات الاجتماعيّة في المدينة الجزائريّة، دراسة ميدانية لتراموايّ ورقلة – الجزائر، مجلة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، ص 338.

[13] علي: نبيل، الثّقافة العربيّة وعصر المعلومات، سلسلة عالم المعرفة، سلسلة رقم: 265، ص 6.

[14] ينظر مثلا: حنا: عبدالله، المثقفون في السّياسة والمجتمع (أطباء)، ط الأهالي للنّشر والتّوزيع، دمشق/ سوريّة، الطّبعة الأولى 1996م، ص 5.

[15] الثّقافة العربيّة في عصر العولمة، مصدر سابق، ص 13.

[16] ولد الشيخ: الشيخ عبدي، مقالة المشهد الثّقافيّ العربيّ: الواقع والمأمول، صحيفة أقلام الالكترونيّة، تاريخ الزّيارة: 25/6/2016م، السّاعة العاشرة صباحا، الرّابط: http://www.aqlame.com/article22339.html.

[17] رحيم: سعد محمد، أنطقة المحرم وشبكة علاقة المثقف بالسّلطة، دار ميزوبوتاميا، بغداد/ العراق، الطّبعة الأولى/ 2013م، ص 20.

[18] المصدر نفسه: ص 20.

[19] المصدر نفسه: ص 21.

[20] الشّيديّ: عصام، تقرير حول ندوة العلاقة بين المثقف والسّلطة تأثيرا وتأثرا تثير جدل الأسئلة، جمعية الكتاب العمانيّة – مسقط،  جريدة عُمان، الزّيارة الالكترونيّة، 25/6/2016م، السّاعة العاشرة والنّصف صباحا، الرابط: http://omandaily.om/?p=313605.

[21] المصدر نفسه.

[22] المصدر نفسه.

[23] الفريحات: غالب، مقالة حاجتنتا إلى ثقافة التّنوير، نشر:  شبكة البصرة، الثّلاثاء 13 رمضان 1436 / 30 حزيران 2015، تاريخ الزيارة: 26/ 6/ 2106م، السّاعة الخامسة مساء، الرّابط: http://www.albasrah.net/ar_articles_2015/0715/qaleb_300615.htm.

[24] للمزيد ينظر: العبري: بدر، القيم الخلقية والإنسان، ط دار سؤال، بيروت/ لبنان، الطبعة الأولى 2016م، ص 109 فما فوق.

[25] الفريحات: غالب، مقالة حاجتنتا إلى ثقافة التّنوير، مصدر سابق.

[26] عمر: أحمد مختار، معجم اللّغة العربيّة المعاصر، مصدر سابق، نسخة الكترونيّة، مادّة تطرف.

[27] الأحمد: أحمد عيسى، المغني في اللّغة العربيّة، نسخة الكترونيّة، مادّة تطرف.

[28] المائدة:171.

[29] النّجم/ 32.

[30] للمزيد ينظر بحثنا: فكرنا الإسلاميّ والقيم الإنسانيّة: النظّريّة والواقع، المقدم لمؤتمر التطرف الفكري ومدى تأثيره على المجتمع العربي بجمعية العمانية للكتاب والأدباء – مسقط، بتأريخ: ٧-٨ ديسمبر ٢٠١٥، مطبوع ضمن كتاب التّطرف الفكريّ ومدى تأثيره على المجتمع العربيّ، إعداد وتحرير: خميس بن راشد العدويّ، طبعة الجمعية العمانيّة للكتّاب والأدباء ودار الغشام/ مسقط، الطبعة الأولى 2017م، من صفحة 10 وحتى 51.

[31] الخواجة: محمد ياسر، التّطرف الدّينيّ ومظاهره الفكريّة والسّلوكيّة، نشر مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدّراسات والأبحاث، المملكة المغربيّة، ص 1.

[32] الخواجة: محمد ياسر، التّطرف الدّينيّ ومظاهره الفكريّة والسّلوكيّة، مصدر سابق، ص 1 (بتصرف).

[33] الفريحات: غالب، مقالة حاجتنتا إلى ثقافة التّنوير، مرجع سابق.

[34] محفوظ: نجيب، حول التّدين والتّطرف، الدّار المصريّة اللّبنانيّة، لا تأريخ، ص 193.

[35] للمزيد ينظر مقالي: الجمال والفنّ في الإسلام، مقال في مجلة الثّقافيّة، مركز السّلطان قابوس العالي للثّقافة والعلوم، عدد 25، 1ذو القعدة 1437هـ/ أغسطس 2016م.

[36] النحل/ 5- 6.

[37] فاطر/ 1.

[38] ينظر مثلا: السّيوطيّ: جلال الدّين، الدّر المنثور في التّفسير بالمأثور، ط دار الفكر لبنان/ بيروت، الطّبعة الثّالثة، ج 7، ص 4، وقد ذكره عن ابن عباس، وأبي هريرة، وينظر أيضا: القرطبيّ: أبو عبدالله محمد، الجامع لأحكام القرآن، دار الفكر لبنان/ بيروت، ج 14، ص 320، وذكره عن ابن جريج.

[39] موقع فيدو على الشّبكة العالميّة، الرابط:

http://www.feedo.net/QualityOfLife/QualityOfLifeBasics/Aesthetics.htm، الزّيارة: 28/6/ 2016م، وقت الزّيارة: السّاعة الخامسة مساء (بتصرف).

[40] مطر: أميرة حلمي، فلسفة الجمال أعلامها ومذاهبها، دار قباء للنشر والتوزيع، مصر/ القاهرة، ط 1998م، ص11.

[41] الأعراف/ 31.

[42] عبد المحسن: رباب، مذكرة في تعريف الفنّ والإبداع، وزارة التّربيّة والتّعليم، جمهورية مصر العربيّة، مخطوط.

[43] القضاة: أحمد مصطفى علي، الشّريعة الإسلاميّة والفنون، الطّبعة الأولى 1408هـ/ 1987م، دار الجيل، لبنان/ بيروت، ص 19.

[44] عبد المحسن: رباب، مذكرة في تعريف الفنّ والإبداع، مصدر سابق بتصرف.

[45] عمارة: محمد، الإسلام والفنون الجميلة، الطّبعة الأولى 1411هـ/ 1991م، ط دار الشّروق، مصر/ القاهرة، ص 13.

[46] عامري: مهدي، مقالة المثال والابتذال في الفنّ، جريدة هسبريس، جريدة إلكترونية مغربية، تاريخ الزّيارة: 27/ 6/ 2016م، السّاعة السّابعة مساء، الرابط: http://www.hespress.com/writers/266875.html.

[47] الزهيرى: توحيد، التحديات التى تواجه العالم الإسلامى، القاهرة: دار الجميل للنشر والتوزيع والإعلام، 2003، ص 11- 13. نقلا من ورقة الدول العربية والتحديات الاقتصادية لأحمد عبد التواب عبد البصير محمد، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة. مخطوط.

[48] عبد البصير محمد: أحمد عبد التّواب، ورقة الدّول العربيّة والتّحديات الاقتصاديّة كلية الاقتصاد والعلوم السّياسيّة جامعة القاهرة. مخطوط، ص 11.

[49] حمداوي: جميل، مقالة المقاربة الثّقافـيّة أسـاس التّنميّـة البشريّة المستدامـة، موقع ديوان العرب، تاريخ الزّيارة: 27/6/2016م، السّاعة العاشرة مساء، الرّابط: http://www.diwanalarab.com/spip.php?page=article&id_article=38505.

[50] المرجع نفسه، ونفس تأريخ الزّيارة والسّاعة.

[51] العبريّ: بدر، القيم الخلقيّة والإنسان، مصدر سابق، ص 92.

[52] ملحوظة: رتبتها حسب صدورها في البحث لا حسب الترتيب الهجائي.

السابق
الدّكتور مصطفى محمود وسجاله مع الموسيقار محمد بن عبد الوهاب حول القول والعمل
التالي
الرّحلة القميّة
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً