الرحلات

زيارة المدرسة الكمالية في قشم بجنوب إيران

قصدت زيارة الشّيخ عبد الرّؤوف بن زكريّا النّحويّ الكماليّ والمدرسة الكماليّة ببلدة باند حاجّي عليّ في جزيرة قشم بجنوب إيران، والكماليّون أصلهم من الحجاز، هاجر منهم إلى جنوب إيران في عهد مملكة هرمز العربيّة، ومن هؤلاء استقرّ في شمال عُمان، خصوصا في مسندم.

 وترجع المدرسة الكماليّة في قشم (المشهورة بالجزيرة الطّويلة لطولها حوالي 120 كيلو، وعرضها 40 كيلو، ويسميها العرب جسم، وينطقها بعضهم قسم)؛ ترجع إلى الشّيخ محمّد بن كمال (ت: 1839م)، وظلّت باقية في جزيرة قشم، وحاليا في بلدة باند حاجّي عليّ إلى اليوم، ويترأسها الفقيه والنّحويّ الشّيخ عبد الرّؤوف الكماليّ.

 وكان للكماليّة فرعان، فرع في فلج القبائل بمدينة صُحار العمانيّة، تكوّنت مع الشّيخ أحمد بن يحيى الكماليّ (ت: 1930م)، ومدرسة في خصب بمسندم مع الشّيخ إبراهيم بن يحيى الكماليّ (ت: 1917م)، وهذه توقفت، وبقت لها آثار في مكتبة الشّيخ الكماليّ بخصب، ويشرف عليها حاليا الشّيخ عبد السّتار الكماليّ، من أعيان وشيوخ محافظة مسندم العمانيّة.

والمدرسة الكماليّة مدرسة أشعريّة كلاميّا، شافعيّة فقهيّا، ذات نزعة صوفيّة حاليا غير طرقيّة.

زرتّ الشّيخ عبد الرّؤوف ومدرسته الكماليّة مساء الخميس الماضي في قشم، ووجدتها على أطلالها السّابقة، وهو رجل عالم في النّحو والفقه المقارن، مع كبر سنّة، إذ يقترب من التّسعين من عمره، إلّا أنّه صاحب فكاهة ونكتة، ومتابع للشّأن العالمي والعربيّ خصوصا.

 ويدير المدرسة معه طلّاب العلم، ولهم سكنهم، والمدرسة توفر لهم التّغذية والمعيشة، ومن أراد طلب العلم فبابها مفتوح للصّغار والكبار بلا شروط.

 جلستُ مع الشّيخ من السّابعة مساء وحتّى الحادية عشرة ليلا، وكان حديثا طويلا في الأدب والنّحو، وفي مسائل الفقه الشّافعيّ خصوصا، وبعض تأريخ جسم، وعلاقتها الطّويلة بعُمان، وسيأتي مستقبلا الحديث عن ذلك جامعا بين الرّواية الشّفهيّة وما يقوله من التقيتُ بهم من مؤرخيهم وفقهائهم.

 وعموما تأريخيّا هم لا يفصلون الجزيرة عن عُمان، منذ تشابه قصة دخولهم في الإسلام مع عبد وجيفر ابني الجلندى، ولهذا لهم مسجد يسمى مسجد الشّيخ برخ، يقولون بني في السّنة التّاسعة للهجرة مع مجيء عمرو بن العاص (ت: 43هـ) إليها، وعند المسجد مقبرة قديمة، وفيها مكان لقبور الكماليين وفهائهم ورموزهم.

كما يوجد في المدرسة الكماليّة أمّهات الكتب، ومنها مخطوطات نفيسة، وكتب حجريّة عديدة تعود إلى مكتبة بولاق الّتي أسّسها محمّد عليّ (ت: 1848م) في مصر سنة 1830م، ومنها عشرات الكتب في المكتبة في الفقه واللّغة والأدب والتّفسير، وهذه الكتب تحتاج إلى تعقيم وتجليد لحفظها.

ضريح الشّيخ برخ

السابق
The Politicization of Culture
التالي
A Visit to the Kamali School in Qeshm, Southern Iran
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً