الخطب

خطبة من ننتخب في مجلس الشّورى؟

1432هـ/ 2011م

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ

الشورى أمانة عظيمة، ومسؤولية كبيرة، يترتب عليها حقوق العباد المتعددة، ومصالحهم الكلية، فينبغي أن يترشح لها الكفؤ، المتميز برجاحة العقل، وبعد النظر، والقدرة على تحمل المسؤولية، والتمثيل الأمين لخدمة وطنه ومجتمعه، فهذا يوسف – عليه السلام – يقول: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}، والذي ليس لديه القدرة إلا مصالحه الشخصية، فليعلم أنّ هذه أمانة عظيمة، لو عُرِضَت على الجبال لأبين أن يحملنها، فلا يَقْدُم في أمر يعجز عن حمله، وعلى كل قادر على خدمة الناس بما توفرت فيه من مؤهلات مادية ومعنوية الإقدامَ في الأمر كما أقدم يوسف – عليه السلام – فأنتج وأبدع.

وعلى الذين يَنْتَخِبُونَ أن يحرصوا على مرضاة الله تعالى، لأنه سائلهم يوم يلقونه، ثم عليهم أن يجعلوا فوق اعتباراتهم الوطن وحقوق العباد، لذا يجب أن ينتخبوا صاحب الكفاءة والأمانة، والذي يُعرفُ بإخلاصه وأمانته، وليكونوا مثل ابنة شعيب عندما خاطبت أباها بقولها في ترشيحه للعمل عنده: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} .

وما يأخذه بعض الناس اليوم من مزايا مادية، نقدية كانت أم غيرها، مقابل ترشيح فلان، وما يسمى أيضا بشراء الأصوات، فإن هذا المال سحت محرم، ويدخل في الرشوة المحرمة، لأنه بهذا قد خان الله والرسول، وخان أمانة الوطن وأهله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

وهذا يخالف كرامة الإنسان المطلقة، فللإنسان كحق من حقوقه أن يختار بمطلق إرادته من يراه كفؤا أمينا، دون ضغوطات من أحد، وهو ليس عبدا يشترى صوته بثمن بخس، له عقل يفكر به، وإرادة يعمل بها، وحرية يسير وفقها.

فالشورى أمانة شرعية، وضرورة وطنية، وهي الطريق الأمثل للرقي بالوطن ومقدراته، فبها تتحقق التنمية الكاملة، وتصحح الأخطاء السالفة، فكن عزيزي الفاضل خيرَ من وكلت به هذه الأمانة، فاختر بملئ إرادتك، وليكن اختيارك للأمثل والأفضل، ولا تبع وطنك وإخوانك بثمن بخس، وغرض مادي، ولا تقدم مصلحتك على الوطن، وليكن فكرك أرقى، ونظرتك أبعد، لأنك لا تبني لليوم فحسب؛ وإنما للأجيال المقبلة أيضا، في جو من الحوار والشراكة المدنية،،، وفقك الله، ووفق الجميع، وحفظ أوطاننا وأمتنا.

السابق
خطبة ثقافة الحقوق
التالي
خطبة قتل النفس بغير حق
– تنويه:

عدد من الصور المستخدمة للمقالات مأخوذة من محرك google

اترك تعليقاً